اناشاب ابلغ من العمر 19عامااعانى كثبرا من حديث النفس اد انه بدا يودى بى الى الشك وانا دائما كئيب ومهموماريد منكم حلا وجزاكم الله وشكرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
أخي الحبيب، لا بد أن تعلم أن الاكتئاب من البلاء، وأن الذي ابتلاك هو وحده القادر أن يرفع عنك ويهون عليك، فافزع إليه، وقل إنا لله وإنا إليه راجعون، وقل اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا. أخي الحبيب، إن البلاء يندفع بالأوبة إلى الله، فسارع إلى جواره، ولتكن في سعيك إليه محسنًا للظن به، فهو أرحم بعبده من الأم بولدها، فتوكل عليه وأدم اللجوء إليه والقرع على أبواب لطفه، يوشك أن يفتح لك، فإنه لا يخيب من رجاه ولا يخذل من احتمى بحماه. أخي الحبيب، إن الشيطان يريد ليحزن الذين آمنوا والله يريد بهم اليسر والتخفيف، فكلما كان المرء أقرب إلى ربه، كان أبعد عن مراد الشيطان له ومكره به.
وأوصيك بالآتي:
أ) جدد إيمانك بالأقدار، فإن كان حزنك لبلاء وقع بك، انكشف؛ وكذلك الإيمان بالأقدار يقضي على الهم والقلق، فإن الذي يعلم أن “ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك” لا يحاصره القلق ولا تقعده الهموم، بل يسعى في استصلاح دينه ودنياه، آخذًا بالأسباب، مع اطمئنان في النفس، وتوكل على الله. قال علي t:
أي يوميّ من المـوت أفرّ – يوم َ لا قُدّر أم يوم قـُـدِر
يوم لا قــدّر لا أرهبـه – ومن المقدور لا ينجي الحذر
ب) تفكر في الدنيا وحقارتها (إلا كمزرعة للآخرة)، فإن فعلت، هان عليك أمرها، وأورثك ذلك قوة في نفسك؛ قال تعالى: “اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ” (الحديد:20)
ت) وقد تعجب إن أوصيتك بذكر الموت، ولكن ذكره للمكتئب قد يفرج عنه، فإن له أثرًا عجيبًا على الخلق، فبينما يمنع من شدة الفرح والأشر والبطر، فهو أيضًا يعالج الحزن والهم وضيق الصدر، قال رسول الله r: “أكثروا ذكر هاذم اللذات، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه.” (رواه ابن حبان عن أبي هريرة t) وقد يعينك على ذكره تغسيل الموتى واتباع الجنائز وزيارة القبور، ولكن كن رفيقًا بنفسك، فإن غلب عليك الخوف فزعت إلى الرجاء وليكن حب الله وحسن الظن بلطفه ورحمته معك على الدرب حتى تلقاه.
ث) أكثر من الذكر فبه تطمئن القلوب وعليك بالدعاء ومن أفضل ذلك لرفع الهم:
& “…فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” (الأنبياء: 87)
& “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.” (الأنبياء: 83)
& “اللهم إني أَعُوذُ بِكَ من الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.” (البخاري).
& “اللهم إني عَبْدُكَ وابن عَبْدِكَ بن أَمَتِكَ ناصيتي بِيَدِكَ مَاضٍ في حُكْمُكَ عَدْلٌ في قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هو لك سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أو أَنْزَلْتَهُ في كِتَابِكَ أو عَلَّمْتَهُ أَحَداً من خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أن تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قلبي وَنُورَ صدري وَجَلاَءَ حُزْني وَذَهَابَ هَمِّي.” (أحمد)
& “لا إِلَهَ إلا الله الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لا إِلَهَ إلا الله رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لا إِلَهَ إلا الله رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الأرض وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.” (متفق عليه)
ج) استعن بالطاعات كالصبر والصلاة؛ قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” (البقرة:153) ولتكن في ذلك على سنة التوسط ولتعط بدنك حقه، فإن محمدًا r قد بعث بالحنيفية السمحة.
ح) اشغل نفسك بالحق حتى لا تشغلك بالباطل أو بها، ومن أفضل ما تنشغل به الإحسان إلى الخلق، ومن ذلك زيارة المرضى والمسنين وقضاء حوائجهم وغير ذلك من أوجه البر، وسيما إن كانت هناك جمعيات خيرية تقوم بهذه الأعمال فتنضم إلى بعضها، فإن المرء تهون عليه مصائبه إذا طالع هموم غيره؛ قال الشاعر:
من لم يصب ممن تري بمصيبة – هذا سبيل لست عند بأوحد