بسم الله والحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بلغ عن ربه فأتم البلاغ، وبين لنا شرائع ديننا في شتى مناحي الحياة، فاللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع ملته إلى يوم الدين. أما بعد،
فهذه ورقة مقدمة إلى دورة مجمع فقهاء الشريعة الثامنة للأئمة، طلب مني أن أجيب فيها بشيء من الاختصار غير المخل عما يثار حول الشريعة الإسلامية وموقفها من ماهية التدين وقضية التجديد ومسألة الديمقراطية. وبين يدي مقالتي، أحب أن أشكر القائمين على المجمع لطرحهم تلك القضايا للمناقشة، وذلك لأن الحاجة الآن قد صارت ماسة لتحرير خطابات جماعية للمسلمين يفرزها الحوار الإسلامي الإسلامي قبل الحوار مع الآخر.
إنه في نفس الوقت الذي أظهرت فيه تسريبات ويكيليكس عن بعض محادثات الدبلوماسيين أن الناس كلهم لا يقولون كل ما يعتقدون، فإنها بينت أن المساحة بين ما يتهامس به هؤلاء وما يصرحون به ليست بذلك البعد، ولعل هذا لأن القوم حرروا خطابًا ينطلقون منه لخدمة كل مصالحهم من غير أن يكون معيبًا من الآخرين، على الأقل في منطوقه.
إننا لا ندعو إلى استنساخ خطاب أحد، ولكن ندعو إلى إدراك حقيقة مهمة، وهي أن العالم صار كحجرة صغيرة، فلم يعد خطاب الشيخ لطلبته قاصرًا علىهم، فإنه متى سجل يصير خطابًا إلى الدنيا. هذا لا يعني التفريط في تعليم شبابنا ما يحتاجونه ولا التفريط في ثوابتنا، ولكن دعوة إلى تحرير الفهم وضبط العبارة وعدم التجاوز فيها، وليس جنى النحل وقيء الزنابير إلا شيئًا واحدًا!
اقرأ أو حمل نسخة بي دي إف من هنا: