هل تخدير المريض عن طريق الوريد أو طريق الاستنشاق في نهار رمضان لمدة ساعة أو ساعتين مفطر للمريض ؟ وهل يتغير الحكم إن امتد التخدير لساعات طويلة؟
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله. أما بعد،
هذا المريض له أن يفطر و هو الأولى وتعنت البعض في ترك هذه الرخص لعله من قلة الفقه في الدين.
أما التخدير عن طريق الوريد أو الاستنشاق فليس من المفطرات لكون المفطرات أموراً واضحة منصوصاً عليها في قوله تعالى:
“أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ”
و هذا المريض لم يأكل و لم يشرب و لم يجامع و لم يصبه حيض أو نفاس و هي المفطرات المجمع عليها. و قد ذهب كثير من العلماء إلى أن المغمى عليه في جزء من النهار يصح صيامه و هذا قول أحمد والشافعي – رحمهما الله -.
أما أن يكون تحت أثر التخدير جميع النهار لا يفيق في جزء منه فهذا لا يصح صومه عند جمهور العلماء وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم عن ربه: “يدع طعامه وشهوته من أجلي” و هذا لا يصدق عليه شيء من ذلك.
و إليكم قرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة العالم الإسلامي تتميماً للفائدة:
“قرار رقم 1/10 العنوان المفطرات في مجال التداوي التاريخ : 23-28صفر 1418هـ الموافق 28 يونيو – 3 تموز يوليو 1997م المكان : جدة
تمهيد: إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة في المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 23-28 صفر 1418هـ الموافق 28 – حزيران (يونيو) – 3 تموز (يوليو) 1997م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في المجمع بخصوص موضوع المفطرات في مجال التداوي، والدراسات والبحوث والتوصيات الصادرة عن الندوة الفقهية الطبية التاسعة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية ، بالتعاون مع المجمع وجهات أخرى ، في الدار البيضاء بالمملكة المغربية في الفترة من 9 – 12 صفر 1418هـ الموافق 14 – 17 حزيران ( يونيو ) 1997م ، واستماعه للمناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة الفقهاء والأطباء، والنظر في الأدلة من الكتاب والسنة، وفي كلام الفقهاء، قرر ما يلي :
القرار: أولاً : الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات :
1- قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
2- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
3- ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس)، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي .
4- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
5- ما يدخل الإحليل، أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى، من قثطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة .
6- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
7- المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
8 – الحُقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية .
9 – غاز الأكسجين .
10 – غازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية .
11- ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية .
12- إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء .
13- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها .
14- أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل .
15- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى .
16- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاج الشوكي .
17- القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد (الاستقاءة) .
ثانياً : ينبغي على الطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق .
ثالثاً : تأجيل إصدار قرار في الصور التالية، للحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة في أثرها على الصوم، مع التركيز على
ما ورد في حكمها من أحاديث نبوية وآثار عن الصحابة :
أ- بخاخ الربو، واستنشاق أبخرة المواد .
ب- الفصد، والحجامة .
ج – أخذ عينة من الدم المخبري للفحص، أو نقل دم من المتبرع به، أو تلقي الدم المنقول .
د – الحقن المستعملة في علاج الفشل الكلوي حقناً في الصفاق (الباريتون) أو في الكلية الاصطناعية .
هـ – ما يدخل الشرج من حقنة شرجية أو تحاميل (لبوس) أو منظار أو إصبع للفحص الطبي .
و – العمليات الجراحية بالتخدير العام إذا كان المريض قد بيّت الصيام من الليل، ولم يعط شيئاً من السوائل (المحاليل)
المغذية . والله أعلم”
و الفقرة (و) من الأمور التي أجلت لمزيد من البحث و إن كان الأظهر كما ذكرت أن التخدير لا يفطر.
و الله تعالى أعلم و به التوفيق.