الحضانة
بحث مقدم إلى المؤتمر السنوي الثامن لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا
نحو وثيقة للأحوال الشخصية للجاليات الإسلامية في الدول غير الإسلامية
بــدولــــــة الكــويـــــــــت
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، المبعوث لكل المكلفين بما فيه صلاح دنياهم والدين؛ أما بعد،
فإن مسألة الحضانة من المسائل المهمة لما لها من الأثر العظيم على مصائر الأطفال الذين فاتهم العيش الهانئ في ظل أبوين متوافقين وأسرةمستقرة توفر لهم جوًا من المودة والرعاية الكاملة، التي يكون الأبوان طرفيها، لا استغناء بأحدهما عن الآخر. ولكن لما كانت الحاجة إلى حصول الفراق في بعض الأحوال أو وفاة أحد الأبوين قاطعا لهذا الجو المثالي لنشأة الأطفال، كان لا بد على المجتمع من حسن النظر لهؤلاء الصغار حتى يكونوا في أحسن حال ممكنة.
ولما كان هذا الأمر بتلك الأهمية، لم يكن الله ليتركهمن غير بيان، فعلى المجتمع ممثلا في أهل العلم إطالة النظر في كتاب الله وسنة رسوله وموروثنا الفقهي لمعرفة مقصود الشارع بحق هؤلاء الصغار الضعفاء الذين يجب أن توضع مصلحتهم في الاعتبار الأول.
ولقد كتب فضيلة الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الأستاذ الدكتور/صلاح الصاوي – حفظه الله – متنا ماتعًا في فقه الأسرة ليكون كوثيقة أحوال شخصية لفائدة الجاليات المسلمة بالغرب – وإن كانت تصلح في بلاد المسلمين كذلك – يرجع إليها المحكمون وأئمة المساجد والمصلحون في سعيهم إلى تحكيم شرع الله فيما شجر بين المسلمين في تلك الأمور مما يرفع إليهم من قبل المتحاكمين،في إطار ما تسمح به القوانين.
وقد سئل السادة العلماء أعضاء المجمع أن يكتبوا بحوثًا عن موضوعات الوثيقة، وكنت فيمن حضرهم، فأجبت إلى ما أمرت به من كتابة بحث عن الحضانة، ورأيت أن أجعله كشرح لهذا المتن الماتع، فإليك ما تيسر بفضل الله، مقسمًا حسب مواد الوثيقة، والتي أبدأ بها مجموعة ثم أعرض إلى شرحها مادة مادة.
- الحضانة حفظ الولد ورعايته وتدبير شؤونه في سن معينة ممن له الحق في ذلك.
- الحضانة مقررة لمصلحة المحضون، فكما أنها حق لمن يلي الحضانة فهي حق للطفل على حاضنه، فلا يجوز التنازل عنها ولا جعلها بدلاً في المخالعة.
- يشترط في الحاضن: البلوغ والعقل، والأمانة، والسلامة من الأمراض المعدية الخطيرة، والقدرة على تربية المحضون ورعايته دينًا وخلقا وصحة ودراسة.
- كما يشترط إن كان الحاضن امرأة خلوها من زوج أجنبي عن المحضون، إلا إذا كان المحضون في زمن الرضاعة، أو يلحقه ضرر من فراقها؛ أو كانت به علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم، وإن كان الحاضن رجلًا وجود من يصلح للحضانة من النساء، وأن يكون ذا رحم محرم للمحضون إن كان المحضون أنثى.
- زواج الأم لا يسقط حضانتها إذا كان المحضون في زمن الرضاعة، أو يلحقه ضرر من فراقها؛ أو كانت بهعلة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم.
استحقاق الأم غير المسلمة للحضانة:
- الأم أحق بحضانة الصغير بالإجماع، وإن كانت كِتابِيَّة أو مجوسية؛ لأن الشفقة لا تختلف باختلاف الدين.
- تسقط حضانة الأم الكتابية ببلوغ المحضون السنة السابعة من عمره إن كان ذكرا والتاسعة إن كانت أنثى، إلا إذا قدر القاضي الشرعي أو من يقوم مقامه من المحكمين خلاف ذلك لمصلحة المحضون.
- الحضانة من واجبات الأبوين ومن حقوقهما معا مادامت الزوجية قائمة بينهما، ولا يمكن فصل الطفل عنهما أو عن أحدهما إلا لضرورة راجحة، والضرورة تقدر بقدرها.
- الوالدان مسئولان بالتشاور بينهما عن رعاية الطفل، ومصالحه، وكيفية معيشته، ولهما أن يستعينا بجهات الرعاية الاجتماعية المختصة أو القضاء عند الحاجة لتحقيق تلك الرعاية، وهذه المصلحة.
المستحقون للحضانة عند افتراق الأبوين:
- فان افترق الأبوان فإن الحضانة تكون للأم، ثم لأم الأم وان علت، ثم للأب، فإن تعذر ذلك، فللقضاء الشرعي أو من يقوم مقامه خارج ديار الإسلام أن يقرر إسناد الحضانة لأكثر الأقارب أهلية للحضانة، وأرجأهم تحقيقًا لمصلحة المحضون مستهديا بالترتيب التالي: أخت المحضون، ثم خالته، ثم جدته لأبيه وإن علت، ثم خالة أمه ثم عمة أمه، ثم عمته، ثم عمة أبيه، ثم خالة أبيه، ثم بنت أخـيه، ثم بنت أخته، ويقدم في الجميع الشقيق، ثم من كانت قرابته من جهة الأم، ثم من كانت قرابته من جهة الأب، مع جعل توفير سكن لائق للمحضون من واجبات النفقة..
- إذا وقع تغيير في وضعية الحاضن خيف منه إلحاق الضرر بالمحضون، سقطت حضانته وانتقلت إلى من يليه.
انتهاء الحضانة الواجبة على الأم:
- تنتهي حضانة الأم الواجبة بانتهاء حاجة المحضون النفسية والبدنية إلى رعاية الأمومة، وتقدر بسبع بالنسبة للذكور وتسع بالنسبة للإناث، وللقاضي أو من يقوم مقامه مد هذه الفترة عند الاقتضاء إلى الوقت الذي يقدر فيه استغناء المحضون عن هذه الرعاية. وعند المالكية تمتد في الذكور إلى البلوغ وفى الإناث لدخول الزوج بها (الشيخ الريان).
- إذا لم يوجد بين مستحقي الحضانة من يقبلها، أو وجد ولم تتوافر فيه الشروط، يختار القاضي من يراه صالحًا من أقارب المحضون، أو غيرهم، أو إحدى المؤسسات المؤهلة لهذا الغرض.
- إذا تركت الأم بيت الزوجية لخلاف أو غيره، فتكون الحضانة لها ما لم يقدر القاضي خلاف ذلك، وإذا كان المحضون صغيرًا لا يستغني عن أمه تلزم بحضانته.
- يجب على الأب أو غيره من أولياء المحضون، النظر في شؤونه وتأديبه، وتوجيهه، وتعليمه، ولا يبيت إلا عند حاضنته ما لم يقدر القاضي خلاف ذلك.
- لا يجوز للحاضن السفر بالمحضون خارج الدولة إلا بموافقة وليه، وإذا امتنع الولي عن ذلك أحيل الأمر إلى القضاء.
- أجرة الحضانة ومصاريفها على المكلف بنفقة المحضون، وهي غير أجرة الرضاعة والنفقة والسكنى، ولا تستحق الأم أجرة الحضانة في حال قيام العلاقة الزوجية حقيقة أو حكمًا، ولها عند الفرقة نفقتها لاشتغالها بحضانة المحضون.
- يسقط حق الحاضن في الحضانة في الحالات التالية:
- إذا اختل أحد الشروط الشرعية المعتبرة في الحاضن.
- إذا استوطن الحاضن بلدًا يعسر معه على ولي المحضون القيام بواجباته.
- إذا سكت مستحق الحضانة عن المطالبة بها مدة سنة من غير عذر إلا لأسباب قاهرة.
- إذا سكنت الحاضنة الجديدة مع من سقطت حضانتها لسبب غير العجز البدني.
- إذا تزوجت الحاضنة بأجنبي عن المحضون
- تعود الحضانة لمن سقطت عنه متى زال سبب سقوطها.
حق الزيارة والاستزارة والاستصحاب:
- إذا كان المحضون في حضانة أحد الأبوين، فيحق للآخر زيارته واستزارته واستصحابه حسبما يتفقان عليه، فإن تنازعا أحيل الأمر إلى القضاء الذي يحدد فترات الزيارة، ويضبط الوقت والمكان، بما يمنع قدر الإمكان التحايل في التنفيذ.
- إذا استجدت ظروف أصبح معها تنظيم الزيارة المقررة باتفاق الأبوين أو بالحكم القضائي ضارا بأحد الطرفين أو بالمحضون، أحيل الأمر إلى القضاء ليتخذ ما يراه مناسبا من إجراءات، بما في ذلك تعديل نظام الزيارة، وإسقاط حق الحضانة في حالة الإخلال، أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو الحكم المنظم للزيارة.
- إذا كان أحد أبوي المحضون متوفى أو غائبا، يحق لأقارب المحضون المحارم زيارته حسبما يتفقون عليه، فإن تنازعا أحيل الأمر إلى القضاء.
- إذا لم يكن المحضون في حضانة أبويه، يعين القاضي مستحق الزيارة من أقاربه المحارم.
أحكام عامة:
أولاً: في اللغة:
الحضانة بفتح الحاء وكسرها من حَضَن أي ضمه إلى حِضنه (بكسر الحاء)، والحِضن هو ما دون الإبط إلى الكشح- وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع – أو الصدر والعضدان وما بينهما وجانب الشئ وناحيته. والحضانة مصدر الحاضن والحاضنة. والمحاضن: المواضع التي تحضن فيها الحمامة على بيضها، والواحد محضن. وحضن الصبي يحضنه حضنا: رباه.([1])
ثانيًا: في الاصطلاح:
هي القيام على شؤون الصغير أو العاجز أو المعتوه من إطعام وتنظيف وما يلزم لراحته وتربيته وحمايته والسهر عليه في مرضه.([2]) وأضاف الماتن «في سن معينة» لأنه لاحضانة لبالغ رشيد، وإن كانت تثبت عند الجمهور لمعتوه،وهو المختل العقل، ومجنون.([3])
الطفل ضعيف يحتاج إلى من يقوم على مصالحه، لذلك كان له حق على المجتمع كله، وقد نقل المتيطي الإجماع على وجوب كفالته حتى يقوم بنفسه، فهو بذلك فرض كفاية إن قام به قائم سقط عن الباقي، ولا يتعين إلا على أب أو أم في بعض الأحوال.([4]) ولا تثبت الحضانة إلا على الصغير أو المعتوه، فأما البالغ الرشيد فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه.([5])
فالصحيح كما ذكر الماتن أن الحضانة حق للمحضون كما هي حق للمستحق من الحاضنين، ولما لم يملك الحاضن إسقاط ما لغيره، فلا تصح بدلاً في خلع، خلافًا للمالكية الذين صححوه، ففي الشرح الكبير قال الدردير – رحمه الله -:«وجاز للمرأة أن تخالع زوجها على إسقاط حضانة ولدها للأب ويسقط حقها من الحضانة وينتقل الحق فيها للأب».([6]) ولكن لما تعلق بالحضانة حق للغير، لم يكن لهما ذلك على الصحيح.فإن جعلاه بدلاً في خلع، صح الخلع وبطل الشرط لفساده.ومما يرجح ذلك قول من ذهب إلى أن الحق في الحضانة متجدد يعود لصاحبه بالمطالبة بعد الإسقاط، ففي كشاف القناع: «(ومن أسقط حقه منها) أي الحضانة سقط لإعراضه عنه وله العود في حقه (متى شاء)لأنه يتجدد بتجدد الزمان كالنفقة انتهى».([7])وذكر ابن عابدين الأمرين معًا فقال: “واستظهر الرحمتي أن هذا الإسقاط لا يدوم فلها الرجوع لأن حقها يثبت شيئا فشيئا فيسقط الكائن لا المستقبل… ثم رأيت بخط بعض العلماء: وعن المفتي أبي السعود: مسألة في رجل طلق زوجته ولها ولد صغير منه وأسقطت حقها من الحضانة وحكم بذلك حاكم فهل لها الرجوع بأخذ الولد؟ الجواب: نعم لها ذلك فإن أقوى الحقين في الحضانة للصغير، ولئن أسقطت الزوجة حقها فلا تقدر على إسقاط حقه أبدًا».
ذهب الحنفية ومالك في رواية أن الحاضنة تجبر على الحضانة إذا امتنعت وكانت خالية من الموانع، وذهب الحنفية في المشهور([8])والمالكية([9])والشافعي وأحمد([10]) والثوري إلى أنه حق للحاضنة لا تجبر عليه إذا امتنعت إلا عند خشية الهلاك على الصغير بألا يلتقم ثدي غيرها أو لا يكون للبنت حاضن من محارمها. وقول الجمهور أظهر فيما إذا قبل الحضانة من بعدها من المستحقين وأمن على الطفل عندهم.
اتفقت المذاهب الأربعة على اشتراط البلوغ، فلا حضانة لصغير، والعقل فلا حضانة لمعتوه، لأن كلا منهما يحتاج إلى من يحضنه. وذكر المالكية فيمن يعرض له الجنون أحيانًا، أنه لا يصلح للحضانة متى خيف رعب الولد حين نزوله وضيعته.([11])
وكذلك الحرية، فلا حضانة لرقيق، واستثنى أحمد المملوك بعضه تجوز حضانته في الأيام التي يكون فيها حرًا.([12])
أما السفه، فذكر المتيطي فيه الخلاف عند المالكية.([13]) ومنع من حضانته الشافعية([14]) والحنابلة.([15])
ودليل هذه الشروط الثلاثة الأولى المعقول والمناسب وعموم الأدلة الآمرة بحفظ الصغير.
كما اتفقوا على اشتراط السلامة من الفسق، وذلك لأن أولى الأشياء بالحفظ دين الصغير ولا يؤمن عليه مع الفاسق. ولكن الفسق المانع من الحضانة هو ما يضيع معه الصغير، قال ابن عابدين- رحمه الله-: «قال في البحر وينبغي أن يكون المراد بالفسق في كلامهم هنا الزنا المقتضي لاشتغال الأم عن الولد بالخروج من المنزل ونحوه… لما سيأتي أن الذمية أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان فالفاسقة المسلمة أولى. قال في النهر وأقول في قصره على الزنا قصور إذ لو كانت سارقة أو مغنية أو نائحة فالحكم كذلك وعلى هذا فالمراد فسق يضيع الولد به اه… ثم رأيت الخير الرملي أجاب كذلك قال ح وعلى هذا لو كانت صالحة كثيرة الصلاة قد استولى عليها محبة الله تعالى وخوفه حتى شغلاها عن الولد ولزم ضياعه انتزع منها ولم أره».([16])
وزاد المالكية والحنابلة([17]) القدرة فأسقط الحنابلة حضانة الأعمى ومن في معناه، وأسقط المالكية حضانة العجوز والأعمى والأصم والأخرس والمريض والمقعد، قال المالكية إلا أن يكون عند الحاضن من يمكنه القيام بالحضانة تحت إشرافه فعندئذ تجوز له الحضانة، ولاستثناء المالكية وجاهة.
وزاد المالكية والحنابلة([18]) أيضاً ألا تكون الحاضنة مريضة بمرض الجذام والبرص ويدخل فيه عند المالكية كل مرض معدِ واستثنوا خفيف جذام الحاضن وبرصه([19])، ولعل الصواب أن يترك لتقدير الطبيب ما إذا كان المرض يخشى منه على الطفل أم لا.
وزاد الشافعية الإقامة في بلد المحضون إذا كان مميزًا، وسيأتي الكلام عن انتقال الحاضن.
وزاد المالكية صلاحية السكنى فإذا كان الحاضن يعيش في جهة غير مأمونة، لا يتيسر حفظ البنت فيها، وقد بلغت حد الشهوة فلا حضانة له.
اتفقت المذاهب الأربعة على اشتراط الخلو من الزوج الأجنبي في حق الأم،([20]) واختلفوا في حق غيرها وفي الزوج ذي الرحم المحرم. ولكن سقوط الحضانة بالزواج من الأجنبي ليست محل إجماع وإن نقله ابن المنذر([21])– رحمه الله- فقد روي([22]) عن عثمان عدم سقوطها بالنكاح وإليه ذهب الحسن البصري وانتصر له ابن حزم – رحمه الله-. وقال ابن القيم- رحمه الله- في عرض أقوال الفقهاء: «واختلف الناس في سقوط الحضانة بالنكاح على أربعة أقوال:
أحدها سقوطها به مطلقا سواء كان المحضون ذكرا أو أنثى وهذا مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه. قال ابن المنذر- رحمه الله- أجمع على هذا كل من أحفظ عنه من أهل العلم وقضى به شريح.
والقول الثاني أنها لا تسقط بالتزويج بحال ولا فرق في الحضانة بين الأيم وذوات البعل وحكي هذا المذهب عن الحسن البصري وهو قول أبي محمد بن حزم.
القول الثالث أن الطفل إن كان بنتا لم تسقط الحضانة بنكاح أمها وإن كان ذكرا سقطت وهذه إحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله نص عليه في رواية مهنا بن يحيى الشامي فقال إذا تزوجت الأم وابنها صغير أخذ منها قيل له والجارية مثل الصبي قال لا الجارية تكون مع أمها إلى سبع سنين وعلى هذه الرواية فهل تكون عندها إلى سبع سنين أو إلى أن تبلغ على روايتين قال ابن أبي موسى وعن أحمد أن الأم أحق بحضانة البنت وإن تزوجت إلى أن تبلغ.
والقول الرابع أنها إذا تزوجت بنسيب من الطفل لم تسقط حضانتها ثم اختلف أصحاب هذا القول على ثلاثة أقوال أحدها أن المشترط أن يكون الزوج نسيبا للطفل فقط وهذا ظاهر قول أصحاب أحمد الثاني أنه يشترط أن يكون مع ذلك ذا رحم محرم وهو قول أصحاب أبي حنيفة الثالث أنه يشترط أن يكون بين الزوج وبين الطفل إيلاد بأن يكون جدا للطفل وهذا قول مالك وبعض أصحاب أحمد».([23])
أما دليل الجمهور فقولهﷺ: «أنت أحق به ما لم تنكحي» والحديث رواه أبو داود من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن امرأة قالت» يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِﷺ: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي»([24])
والحديث ظاهره دليل للشافعي على أن النكاح مطلقاً سواءٌ بأجنبي أو قريب يسقط الحضانة؛ وخالفه الجمهور، ودليلهم ما جاء في حديث ابنة حمزة([25]) الذي رواه الشيحان من حديث عليt قال: «لما خرجنا من مكة اتبعتنا ابنة حمزة تنادي: يا عم، ويا عم. قال، فتناولتها بيدها، فدفعتها إلى فاطمة<، فقلت دونك ابنة عمك، قال: فلما قدمنا المدينة اختصمنا فيها أنا وجعفر وزيد بن حارثة، فقال جعفر ابنة عمي وخالتها عندي، يعني أسماء بنت عميس، وقال زيد ابنة أخي، وقلت أنا أخذتها وهي ابنة عمي، فقال رسول اللهﷺ: أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي، وأما أنت يا علي فمني وأنا منك، وأما أنت يا زيد فأخونا ومولانا، والجارية عند خالتها فإن الخالة والدة (وفي رواية: بمنزلة الأم)، قلت: يا رسول الله ألا تزوجها؟ قال: إنها ابنة أخي من الرضاعة»
قال الشوكاني – رحمه الله -: «ذلك في الخالة ولا يلزم في الأم»([26]) والظاهر أنه إذا كان الزواج من ذي الرحم المحرم لا يسقط حق الخالة فبالأولى ألا يسقط حق الأم، ثم إن في الحديث دليلاً على أن كل قريب حتى وإن لم يكن من محارم الصغير لا يسقط حق الحاضنة الزواج منه، لأن جعفر ليس بمحرم لابنة حمزة، نعم قد يجاب على هذا الاستدلال بما أجاب به الشوكاني في النيل من أن ذلك قد يكون عند عدم وجود المنازع فإن وجد المنازع أسقط الزواج حق الحاضنة. قال – رحمه الله – بعد أن ذكر ما احتج به القائلون بعدم إسقاط الزواج لحق الحضانة من كون أم سلمة تزوجت رسول اللهﷺ وبقيت حاضنة لولدها: «… مجرد البقاء مع عدم المنازع لا يصلح للاحتجاج به على محل النزاع، لاحتمال أنه لم يبق له قريب غيرها».([27])
وهذا ما ذهب إليه المالكية([28]) إذ قالوا بسقوط الحضانة بالزواج من الأجنبي إلا إذا علم من له حق الحضانة بعدها بتزوجها وسكت مدة عام بلا عذر فإن حضانته تسقط بذلك.
واستدل من يثبت الحضانة للأم بعد النكاح بما تقدم من حديث ابنة حمزة وأم سلمة وما رواه عبد الرزاق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنها جاءت امرأة إلى النبيﷺ فقالت: “إن أبي أنكحني رجلاً لا أريده وترك عم ولدي فأخذ مني ولدي، فدعا رسول اللهﷺ أباها ثم قال لها: «اذهبي فانحكي عم ولدك» قال الشوكانيعن هذا الحديث مرسل وفيه رجل مجهول([29]) ولكن يبقى حديث ابنة حمزة وأم سلمة وقد تقدم الجواب عليهما.
الترجيح:
الذي يترجح عندي جمعًا بين الأدلة أن حضانة المرأة لصغيرها لا تسقط بزواجها إلا إن نازعها من له ولاية على الصغير من النساء ولا زوج لها،أو أب ومن فوقه، وذلك لأن حديث أنت أحق به ما لم تنكحي إنما ورد في مورد النزاع. وفي كشاف القناع: «(ولو اتفقا على أن يكون) الولد (في حضانتها وهي) أي الأم (مزوجة ورضي زوجها جاز) ذلك (ولم يكن لازما) لأن الحق لا يعدوهم، وأيهم أراد الرجوع فله ذلك».([30])والأب لا يضم الصغير في هذه الحال إلا إن لم يكن من هو أقدم منه، والظاهر أن أمهاته أقدم منه، وهو مذهب الحنفية والمالكية خلافاً للشافعية والحنابلة. أما أمهات الأم فأقدم من الأب باتفاق الأربعة وقولهﷺ: «أنت أحق به ما لم تنكحي» لا يعني انتقال الصغير إلى الأب مباشرة عند نكاحها بل إلى من يليها في الترتيب، فإن لم تنازع أو نازعها من هو دون الأب في الترتيب، بقيت حضانتها. وزاد المالكية في شروط سقوط الحضانة بنكاح الأم عدم سكوت الأب عنه مع علمه، فقالوا: «تزويج الحاضنة أجنبيا من المحضون يسقط حضانتها بدخولها لا قبل الدخول(إلا أن يعلم ويسكت العام) ابن عرفة: لو علم الوالد بتزويجها ولم يقم بأخذ الولد حتى طالت المدة ثم خلت من الزوج فليس له أخذه منها لأنه يعد بذلك تاركًا لحقه».([31])
هذا وإن المرأة المستحقة للحضانة إذا طلقت ردت لها الحضانة على الصحيح وهو قول الجمهور([32])، خلافاً لمالك- رحمه الله.([33])
لعله من المناسب الآن تلخيص هذه الشروط بحيث نذكر المجمع عليه أولاً ثم المختلف فيه مما يظهر أن الأرجح اشتراطه.
- العقل.
- البلوغ.
- الحرية.
- السلامة من الفسق الذي يضيع معه الولد.
- الخلو من زوج أجنبي عن الطفل مع وجود المنازع ممن هو في رتبة الأب أو أعلى وهذه الشروط السابقة محل إجماعهم([34]).
- القدرة إلا أن يكون الحاضن قادرًا بغيره من زوج أو خادم.
- الرشد.
- الإسلام في غير الأم أو إذا خيف منها على دين الطفل.
- السلامة من المرض الخطير المعدي ويرجع في ذلك إلى الطبيب الثقة.
- صلاحية السكنى حتى ينتقل الحاضن إلى جهة مأمونة.
استحقاق الأم غير المسلمة للحضانة:
اختلفوا في اشتراط الإسلام، فاشترطه الشافعيه والحنابلة وقال ابن قدامة-رحمه الله-: «ولا تثبت لكافر على مسلم، وبهذا قال مالك، والشافعي، وسوار، والعنبري»([35])، وأثبت الأحناف والمالكية الحضانة للزوجة وإن مجوسية (بأن أسلم وبقيت على مجوسيتها)([36])، واستثنوا ما إذا ظهر منها ما يخاف منه على الولد كذهابها به إلى الكنيسة، أو إطعامها إياه لحم خنزير.. إلخ. قال ابن عابدين- رحمه الله-: «(قوله: أو إلى أن يخاف) فظاهره أنه إذا خيف أن يألف الكفر نزع منها وإن لم يعقل دينا بحر. قال ط: ولم يمثلوا لإلف الكفر. والظاهر أن يفسر سببه بنحو أخذه لمعابدهم. وفي الفتح: وتمنع أن تغذيه الخمر ولحم الخنزير، وإن خيف ضم إلى ناس من المسلمين»([37])
والصواب ما ذهب إليه الماتن وهو مذهب الأحناف والمالكية، وذلك لما رواه أحمد والنسائي من حديث عبد الحميد بن جعفر الأنصاري عن جده «أن جده أسلم وأبت امرأته أن تسلم فجاء بابن له صغير لم يبلغ، قال: فأجلس النبيﷺ الأب هاهنا والأم هاهنا، ثم خيره وقال: اللهُمَّ اهْدِه، فذهب إلى أبيه»([38]) والشاهد من الحديث أنه لو لم يكن حلالاً أن يعهد بالطفل لأمه الكافرة لما خيره رسول اللهﷺ.
نعم رد الشافعية والحنابلة الاستدلال بهذا الحديث بأمور: أولها: ما فيه من مقال([39]) ثانياً: أن رسول اللهﷺ قد علم أنه بدعائه له فإن الله يهدي قلبه ويلحق بأبيه المسلم وليس لنا ذلك.
والجواب أن الحديث قد قبله جماعة من أهل العلم بالحديث، وطرقة كثيرة يقوي بعضها بعضًا على ما فيها من الاختلاف، وقد يحتمل كما ذكر ابن القطان([40]) أن تكون هناك قصتان لاختلاف المخرجين، كذلك فإن الحضانة إنما تكون في زمن قبل التمييز وتنتهي بالتمييز وأكثر ما يريده الطفل في هذه الحال الإطعام والتنظيف والعطف والسهر عليه، وذلك موفور عند الأم لوفور شفقتها.
نعم يجب أن يبقى الطفل تحت إشراف أهله من المسلمين، ويأخذه أبوه فيؤدبه، ويعهد به إلى من يقوم على تعليمه الدين وتأديبه، وفي أوقاتنا هذه قد يعهد به إلى دور حضانة ومدارس إسلامية فيكون الولد فيها في الصباح وعند أمه في المساء.
ثم إنه متي ظهر من أمه ما يدعو للخوف على دين الطفل فإنه يضم عند الإمكان إلى أهله المسلمين.ثم إن أهل أمه الكفار لا حضانة لهم، وذلك لانتفاء المعني الموجود في الأم من وفور الشفقة.
المستحقون للحضانة عند افتراق الأبوين:
قول الماتن «الحضانة من واجبات الأبوين ومن حقوقهما معا مادامت الزوجية قائمة بينهما» محل اتفاق بين الفقهاء لذلك لم يجعلوا للأم أجرًا عليها ما كانت زوجة أو معتدة، على زوجها نفقتها.
تقدم ذكر الشروط الواجب استيفاؤها في الحاضن، والآن نعرض لأولويتهم بالحضانة، فنقول: اتفق أـتباع المذاهب الأربعة على تقدم الأم لحديث «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي»([41]).
واختلفوا فيما بعد ذلك، ونحن هنا نذكر بشئ من الإيجاز الترتيب على حسب ما جاء في المشهور من هذه المذاهب ثم نعرض للترجيح وبيان الترتيب الأقرب للسنة والمعقول.
أولاً: الحنفية([42]):
والترتيب المشهور عندهم على النحو الآتي:الأمثم أمها، وإن علت ثم أم الأب، وإن علت ثم الأخت الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب([43])ثم بنت الأخت الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب([44])ثم الخالة الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم خالة الأم الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم خالة الأب الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم عمة الأم الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم عمة الأب الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب. فإذا لم يكن للصغير امرأة من أهلة المذكورات انتقلت إلى عصبته من الرجال: الأب وإن علا ثم الأخ الشقيق ثم لأبثم ابن الأخ الشقيق ثم لأبكذا أبناء أبنائهم وإن سفلوا ثم العم الشقيق ثم لأبثم ابن العم الشقيق ثم لأب.
ثانياً: المالكية([45]):
والترتيب عندهم على النحو الآتي:الأم ثم أم الأم، وإن علت ثم الخالة الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب. ثم خالة الأم الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم عمة الأم الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم أم الأب ثم أم أم الأب، وإن علت ثم أم أبي الأب، وإن علت ثم الأب ثم الأخت الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم العمة الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم عمة الأب الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم خالة الأب الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم بنت الأخ الشقيق، ثم لأم، ثم لأب ثم بنت الأخت الشقيقة، ثم لأم، ثم لأب ثم الوصي ذكراً كان أو أنثي ثم الأخ الشقيق ثم الجد من جهة الأم ثم ابن الأخ ثم العم ثم ابن العم ثم المعتق
ثالثاً: الشافعية([46]):
والترتيب عندهم على النحو الآتي: الأم ثم أم الأم وإن علت(*) ثم الأب ثم أم الأب ثم أم أم الأب وإن علت(*) فإن لم يكن أحد من هؤلاء واجتمع ذكور وإناث قدم الأقرب فالأقرب من الإناث ثم الأقرب من الذكور فالأخوات الإناث يقدمن على الأخوة الذكور وهؤلاء يقدمن على الخالة وهي تقدم على العمة. فإن كن إناثا فقط فالترتيب الأم وأمهاتها ثم أمهات الأب ثم الأخت ثم الخالة ثم بنت الأخت ثم بنت الأخ ثم العمة ثم بنت الخالة ثم بنت العمة ثم بنت العم ثم بنت الخال وتقدم الشقيقات على غير الشقيقات ومن كانت لأب على من كانت لأم.أما ترتيب الذكور فعلى النحو الآتي: الأب ثم الجد ثم الأخ الشقيق ثم لأب ثم لأم ثم ابن الأخ الشقيق ثم لأب ثم العم الشقيق ثم لأب ثم ابن العم([48]).
رابعاً: الحنابلة([49]):
والترتيب عندهم على النحو الآتي:الأم ثم أم الأم([50])، وإن علت([51])ثم الأب([52])ثم أم الأب، وإن علت([53])ثم الجد ثم أمهات الجد ثم جد الأب ثم أمهات جد الأب ثم الأخت الشقيقة، ثم لأب، ثم لأم([54])ثم الأخ الشقيق، ثم لأبثم أبناء الاخوة الأشقاء ثم لأب ثم الخالة الشقيقة، ثم لأب، ثم لأم([55])ثم العمات الشقيقة، ثم لأب، ثم لأمثم الأعمام لأبوين ثم لأبثم أبناء الأعمام لأبوين ثم لأبثم خالات الأبثم خالات الأم([56])ثم عمات الأب([57])
قال في المغني: «وإن اجتمع شخصان، وأكثر من أهل الحضانة في درجة قدم المستحق منهم بالقرعة»([58]) أما الرجال من ذوي الأرحام فقد ذكر في المغني([59]) أن لا حق لهم في الحضانة مع وجود حاضنات أو رجال عصبات فإن لم يوجد غيرهم، وجهان الأول: تثبت لهم الحضانة. الثاني: لا تثبت لهم حضانة وينتقل الأمر إلى الحاكم. قال ابن قدامة- رحمه الله- والأولى أولى.
الترجيح:
هذه مذاهب الأئمة الأعلام في ترتيب المستحقين للحضانة، بنوا بعضها على الأثر وأكثرها على النظر، وحتى يتسنى لنا الترجيح لا بد من ذكر ما استندوا إليه من أدلة المنقول والمعقول، ولنبدأ بذكر الأدلة من الكتاب والسنة.
أولاً: من الكتاب:
قال تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ ([60])
ثانياً: من السنة:
- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن امرأة قالت:يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِﷺ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي». والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي وحسنه الألباني.
- عن عليt قال: «ما خرجنا من مكة، اتبعتنا ابنه حمزة تنادي يا عم، ويا عم. قال فتناولتها بيدها، فرفعتها إلى فاطمة<، فقلت: دونك ابنة عمك، قال: فلما قدمنا إلى المدينة، اختصمنا فيها أنا وجعفر وزيد بن حارثة، فقال جعفر: ابنة عمي، وخالتها عندي، يعني أسماء بنت عميس وقال زيد: ابنة أخي، وقلت: أنا أخذتها، وهي ابنة عمي، فقال رسول اللهﷺ: أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي، وأما أنت يا علي فمني وأنا منك، وأما أنت يا زيد، فأخونا ومولانا، والجارية عند خالتها فإنه الخالة والدة (وفي رواية: بمنزلة الأم)، قلت: يا رسول الله ألا أتزوجها؟قال إنها ابنة أخي من الرضاعة»
- قضى أبو بكر الصديقt بعاصم بن عمر بن الخطابt لأمه أم عاصم وقال لعمر: «ريحها وشمها ولطفها خير له منك».([61])
أما الآية فكما استدل بها الحنابلة على توريث ذوي الأرحام عند عدم وجود الورثة فإنه يستدل بها هنا أيضاً على إثبات الحضانة لهم قبل أن تنتقل إلى الحاكم.
وأما حديث عمرو بن شعيب فلعل الإجماع على تقديم الأم المستوفية للشروط (تقدم الكلام عن الشروط في الفرع السابق) يكون مبناه على هذا الحديث، وإن تكلم بعض أهل العلم في سنده، ولكن الصحيح أنه مقبول وعليه عمل أهل العلم ويعضده عموم الآيات والأحاديث المتعلقة بالأم وحقوقها.
ثم إن حديث علي مفاده أن تقدم الخالة على كل من هو دون الأم في الترتيب ولكن هل تقدم على أم الأم وأم الأب؟ إن لكل من أم الأم وأم الأب ولادة على الصغير وإنهما من أمهاته لذا فالذي يترجح والله أعلم هو تقديم الأم ثم أمها ثم أم الأب (وإن علت الأم) ثم الخالة ثم الأب وهو مستفاد من قولهﷺ: «أنت أحق به» أي من أبيه فيكون الأب عند النزاع يلي الأم ومن كن في منزلتها في الترتيب.
ثم إن الترتيب بعد ذلك يكون على أساس النظر في درجة قرابة الأقرباء للطفل ونفعهم له وحالهم من الصلاح والقدرة. وأرى أن يترك الأمر فيما لم يصح عليه دليل إلى تقرير القاضي المسلم يختار من أقرباء الصغير من استوفى الشروط وكان أصلح لضم الصغير إليه. وقد تكون هناك عوامل كثيرة يراعيها القاضي في حكمه بالصغير لأحد أقربائه منها: صلاحية السكن، وحجم الأسرة، والقدرة المالية والجسدية على مراعاة الصغير، وبعد المكان عن ذلك الذي نشأ فيه الصغير وله فيه أهل وأصحاب، ثم إن القاضي يتحرى في السؤال عن الأقارب المتنازعين، وأخلاقهم وصفاتهم الشخصية من الرفق وضده والرحمة وضدها،ومسالكهم في تربية الأولاد،وغير ذلك. وقد أكد العلماء على أهمية نظر القاضي، فقال اللخمي: «إن علم جفاء الأحق لقسوته ورأفة الأبعد قدم الأبعد».([62]) وقال ابن عابدين- رحمه الله-: «فينبغي للمفتي أن يكون ذا بصيرة ليراعي الأصلح للولد فإنه قد يكون له قريب مبغض له يتمنى موته ويكون زوج أمه مشفقا عليه يعز عليه فراقه فيريد قريبه أخذه منها ليؤذيه ويؤذيها أو ليأكل من نفقته أو نحو ذلك وقد يكون له زوجة تؤذيه أضعاف ما يؤذيه زوج أمه الأجنبي وقد يكون له أولاد يخشى على البنت منهم الفتنة لسكناها معهم فإذا علم المفتي أو القاضي شيئا من ذلك لا يحل له نزعه من أمه لأن مدار أمر الحضانة على نفع الولد».([63]) وقال ابن القيم- رحمه الله- وهو ممن يقول بتخيير المميز: «فإذا كانت الأم تتركه في المكتب، وتعلمه القرآن، والصبي يؤثر اللعب ومعاشرة أقرانه، وأبوه يمكنه من ذلك، فإنها أحق به بلا تخيير ولا قرعة، وكذلك العكس، ومتى أخل أحد الأبوين بأمر الله ورسوله في الصبي وعطله، والآخر مراع له، فهو أحق وأولى به»([64]).
ولا ينبغي كذلك تغافل كون كثير من النساء في زماننا لا يتفرغن لحضانة الأولاد كما كان في السابق، فالمرأة العاملة قد يستغرق عملها جل وقتها ويكون هناك من هو أكثر تفرغًا منها لرعاية الولد، وقد قال ابن عابدين- رحمه الله-: «لو كانت صالحة كثيرة الصلاة قد استولى عليها محبة الله تعالى وخوفه حتى شغلاها عن الولد ولزم ضياعه انتزع منها».([65])
وكذلك، فإن التأديب والتعليم، وهي واجبات على الوالد قد يعسر القيام بها في زماننا إذا كان الطفل يبيت عند أمه كل ليلة، فليس ممكنًا عندئذ في أكثر الأحوال تمكينها للوالد من رؤيته كل يوم وأخذه إلى المكاتب، ولا تمكنه من ذلك.
لكل ما سبق، يتوجه ترك مساحة واسعة للقاضي أو المحكم لينظر فيما هو من مصلحة الولد التي عليها مدار الأحكام في هذا الباب.
انتهاء الحضانة الواجبة على الأم:
لعل الأصح عند الجمهور أن يقال الحضانة الواجبة للأم لا على الأم. وقبل أن نستعرض المذاهب في هذه المسألة نقدم الأدلة المتعلقة بها.
- عن أبي هريرةt قال: «سمعت امرأة جاءت إلى رسول اللهﷺ وأنا قاعدة عنده فقالت: يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عنبة، وقد نفعني، فقال رسول اللهﷺ: استسهما عليه، فقال زوجها: من يحاقني في ولدي؟ فقال النبيﷺ هذا أبوك، وهذه أمك، فخذ بيد ايهما شئت، فأهذ بيد أمه فانطلقت به»([66])
- عن عمارة الحربي: «خيرني علي بين أبي وأمي وعمي وكنت ابن سبع أو ثمان»([67])
- عن عمر أنه خير غلاما بين أبيه وأمه.([68])
ثم إليك الآن تفصيل المذاهب:
أولًا الحنفية([69]):
قدرها بعضهم للغلام بسبع سنين وبعضهم بتسع والأول أشهر.أما الجارية فقدروها بالحيض، أو ببلوغ حد الشهوة، في قول آخر، وقدر بتسع سنين، والثاني هو الأشهر. فإذا كان الولد في حضانة أمه فلأبيه أن يأخذه إذا بلغ سبعا، وعصبته كذلك إذا لم يوجد الأب.والجارية يأخذها أبوها أو من يليه من عصبتها ولا بد أن يكون من محارمها فإن لم يوجد فيأخذها القاضي ويجعلها عند امرأة مأمونة.
لاحظ أن الأحناف لا يقولون بتخيير المميز على الإطلاق وحجتهم عدم قدرة الصغير على معرفة ما يصلحه وقد ضعفوا حديث أبي هريرة، والصحيح أنه صحيح.
ثانيًا المالكية([70]):
قالوا مدة حضانة الغلام حتى يبلغ، والجارية حتى تتزوج، ولم يقولوا بالتخيير أيضاً.
ثالثًا الشافعية([71]):
قالوا: ليس للحضانة مدة معلومة فإن الصبي متى ميز بين أبيه وأمه، فإن اختار أحدهما كان له وكذلك فللصبي أن يختار بين محارمه من النساء وعصبته من الرجال، فإن اختارهما معا أقرع بينهما وإن سكت كان لأم أو حاضنته قبل التمييز.
رابعًا الحنابلة([72]):
قالوا: مدة الحضانة سبع سنين للذكر والأنثى وجعلوا للصبي التخيير بعد السبع للحديث والجارية جعلوها للأب.([73])
قال في المغني: «وإن خيرناه فلم يختر واحدا منها أو اختارهما معا قدم أحدهما بالقرعة»([74]) وقال بشأن إنزال العصبات مكان الأب «فإن كان الأب معدوما أو غير أهل للحضانة وحضر غيره من العصبات كالأخ والعم وابنة قام مقام الأب([75]) وليس للعصبات ضم الجارية إلا ذو رحم محرم.
الترجيح:
الصحيح أن يترك الصغير عند الحاضنة ما لم يحصل نزاع على المميز أو يريد أن يتحول إلى عصبته، فإن حصل شيء من ذلك يخير، لا فرق في ذلك بين ولد وجارية لعموم النص، فإن سكت، فيبقي عند حاصنته لأن الأصل بقاء ما كان، وله أن يختار بين محارمه من النساء وعصبته من الرجال (ولا تضم الجارية لرجل إلا ذي محرم) وذلك لأنهم يقومون مقام الأم والأب عند عدم وجودهما.
وذلك لأن الحضانة فرض كفاية على الأمة.([76]) وفي شرح منهى الإرادات: «وحضانة الطفل ونحوه إذا لم يكن له قريب [مستكمل للشروط] تجب على جميع المسلمين».([77]) ولا تتعين إلا على أب أو أم إن خشي على الصغير الهلاك بتركها إياه. والقاضي له ولاية على الصغير، قال السرخسي- رحمه الله-: «فإن كان أخوها أو عمها مفسدا مخوفا لم يخل بينه وبينها لأن ضمها إليه لدفع الفتنة فإذا كان سببا للفتنة لم يكن له حق ضمها إليه بل يجعل هو كالمعدوم فتكون ولاية النظر بعد ذلك إلى القاضي ينظر امرأة من المسلمين ثقة فيضعها عندها وكما يثبت للقاضي ولاية النظر في مالها عند عجزها عن ذلك فكذلك في حق نفسها»([78]).
سئل الرملي في فتاويه عن الزوجة إذا نشزت هل تستحق حضانة ولدها من الزوج أم لا؟ فأجاب بأنها تستحق حضانة ولدها من زوجها، ولا يمنع منها نشوزها.([79]) بل أثبت لها الحنابلة مع ذلك نفقة الولد، ففي المبدع قال ابن مفلح- رحمه الله-: «(وإن نشزت المرأة) فلا نفقة لها في قول عامتهم … فإن كان لها منه ولد دفع نفقته إليها إذا كانت هي الحاضنة والمرضعة ويلزمه تسليم أجرة رضاعها».([80])وعلله ابن قدامة بقوله: «…فعليه نفقة ولده لأنها واجبة له فلا يسقط حقه بمعصيتها كالكبير».([81])
وانظر أعلاه الكلام عن وجوب الحضانة على الأم.
أما حق الولاية على النفس، فلا ريب يكون للأب والعصبة من بعده، بخلاف الحضانة وهي ولاية على الجسد بالرعاية.
والفقهاء متفقون على أحقية الوالد عند عدم وجود المانع بتعهد ولده وتربيته وتعليمه. قال المالكية: «(وللأب تعاهده وأدبه وبعثه للمكتب). الباجي: إذا كان الابن في حضانة أمه لم يمنع من الاختلاف لأبيه يعلمه ويأوي لأمه لأن للأب تعليمه وتأديبه وإسلامه في المكتب والصنائع… ولا يبيت إلا مع أمه».([82])وقال الشافعية: «… وإن اختارها ذكر فعندها ليلا وعنده نهار»([83])وقال الحنابلة: «… وإن اختار أمه كان عندها ليلاً وعند أبيه نهارا ليعلمه الصناعة والكتابة ويؤدبه».([84])
أما البيات، فقد تقتضي الأحوال في زماننا أن يبيت الولد عند والده لصعوبة مجيئه وذهابه كل يوم، والحق لا يعدو الأبوين، فمتى اتفقا على قسمة جازت، فإن تنازعا، فالقاضي ينظر في الأصلح للصغير.
لعل ما ذكر الماتن هو قول الجمهور لم يخالف فيه إلا الأحناف في أحوال بعينها كما يأتي بيانه.
يفرق الجمهور، المالكية والشافعية والحنابلة، بين سفر النقلة والانقطاع وسفر الحاجة كتجارة وزيارة وزاد بعضهم ونزهة.
فأما سفر الحاجة، فإن كان المسافر الأب، فاتفقت المذاهب الثلاثة على بقاء الولد مع الأم، وذلك لما في السفر من خطر، واستثنى الشافعية إذا كان «المقيم الأم وكان في بقائه معها ضياع مصلحة، كما لو كان الأب يعلمه القرآن أو الحرفة وهما ببلد لا يقوم غيره مقامه فالأب أحق بذلك»([85])وإن كانت الأم، فالمالكية يبقون الولد معها،([86])والباقون يجعلونه مع الأب المقيم. وذكر الشافعية حالة أخرى، وهي ما إذا أراد الأبوان سفرًا لغير نقلة، فقالوا: «فإن أراده كل منهما واختلفا مقصدًا وطريقًا كان عند الأم وإن كان سفرها أطول ومقصدها أبعد. أي لأن السفر فيه مشاق والأم أشفق عليه من الأب».([87])
وأما سفر النقلة، فإن كان الطريق والمكان المنتقل إليه مأمونا، فالأب أولى بالمحضون سواء أكان المقيم أم المنتقل.([88])إلا إذا انتقلت به إلى مكان قريب حيث يمكن للأب تعهده ورؤيته كل يوم.([89])واشترط الحنابلة لذلك «ما لم يرد بالنقلة مضارة الآخر وانتزاع الولد»([90])واستثنى المالكية في غير الأب من الأولياء لسقوط حق الحاضن بسفره ألا يكون «ثم ولي حاضر يساويه في الدرجة»([91])وقال الشافعية ببقاء الصغير مع الحاضنة عند وجود عاصب آخر وإن كان دون الأول في الترتيب.([92])
أما الحنفية فيجعلون الولد مع أمه في سفر النقلةإذا خرجت إلى بلدة قريبة مأمونة على حياة الصغير وأخلاقه،فقالوا «(إلا إذا انتقلت من القرية إلى المصر، وفي عكسه لا) لضرر الولد بتخلقه بأخلاق أهل السواد».([93])وكان يمكن لأبيه رؤيته والعودة في نهاره، أو إذا خرجت إلى وطنها الذيعقد الزوج عليها فيه، وإن كان بعيدًا، على ألا يكون دار حرب.فإن كانت الحاضنة غير أم لم يجز لها الانتقال بالصغير إلى أي مكان إلا بإذن الأب. وليس للأب عند الأحناف الانتقال بالصغير من غير إذن من لها الحضانة، ونص ابن عابدين على غير الأم فقال: «(قوله: من بلد أمه) الظاهر أن غيرها من الحاضنات كذلك»([94]). بل قالوا: «وكذا لا يخرج الأب به من محل إقامته قبل استغنائه وإن لم يكن لها حق في الحضانة لاحتمال عوده بزوال المانع»([95])
الترجيح:
ذهب القائلون بأحقية الولي على الحاضنة عند السفر إلى ذلك لما رأوه من مصلحة الولد في بقائه مع وليه يتعهده ويحفظه، فقال ابن قدامة – رحمه الله -: «ولنا أنه اختلف مسكن الأبوين فكان الأب أحق كما لو انتقلت من بلد إلى قرية أو إلى بلد لم يكن فيه أصل النكاح وما ذكروه لا يصح لأن الأب في العادة هو الذي يقوم بتأديب ابنه وتخريجه وحفظ نسبه فإذا لم يكن في بلده ضاع..».([96])
ولكن مع عدم وجود النص الخاص، فالذي يظهر هو قوة مذهب الأحناف فهو أسعد حظًا بموافقة الدليل العام ومقصود الشارع في بقاء الصغير مع أمه، وقد قال رسول الله: «مَلعُونٌ مَن فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وولَدِهَا»([97])، ولما كان الزوج قد عقد عليها في بلدها، ففي هذا رضا منه بعيش الولد في تلك البلد، والله تعالى أعلم.
إليك تفصيل المذاهب في هذه المسألة:
أولًا: الحنفية:
قسموا هذه المسألة أقساما فأما المتزوجة والمعتدة فلا أجرة لها لأن على زوجها نفقتها. وأما المطلقة أو المتوفى عنها زوجها فلها الأجرة([98])في أحوال هي:إذا كان الأب موسرًا والصغير معسرًا.وإذا لم توجد متبرعة من أقارب الصغير وليست لها وإنما تخير بين إمساكه مجانًا أو دفعه لغيرها في الأحوال الآتية: إذا كان الأب معسرًا ووجدت متبرعة من أقارب الصغير. أوإذا كانت النفقة من مال الصغير كأن يكون موسرًافإن النفقة وإن كان الأب موسرًا ستكون من مال الصغير فإن دفع لأمه الأجرة مع وجود المتبرعة ففيه على الصغير ضرر.فإن ثبت لها الأجر فأجر الحضانة غير أجر الرضاع فلها أجر المثل على كل منهما وإن كان الحكم في أجر الرضاع يختلف عن أجر الحضانة فإنه إذا وجدت المرضعة المتبرعة دفع لها الصغير حتى وإن كان الأب موسرًا، وذلك لأنه لا يفوت الأم رعايته بمجرد إرضاع أخرى له. ثم إنه للأم المطالبة بالسكنى إن لم يكن لها سكن لأنها تحتاج إلى إيواء الصغير، وإن كان الأب موسرًا كان لها أن تطالب بخادم للصغير.([99])
ثانيًا: المالكية:
ليس للحاضن في مشهور المذهب نفقة أو أجرة وإنما تجب النفقة من مال الصغير لها إن كانت فقيرة لفقرها لا لحضانتها إياه.وهل لها السكنى؟ الصحيح أنه على الأب السكنى إن كانت معسرة والأم وغيرها سواء في هذا الحكم.ولكن لهم تفصيلا ذكره صاحب المواهب فقال: «(ولا شيء لحاضن لأجلها) ش وإن كان الأولاد يتامى كان للأم أجر الحضانة إذا كانت فقيرة والأولاد مياسير لأنها تستحق النفقة في مالهم ولو لم تحضنهم واختلف إذا كانت موسرة فقال مالك لا نفقة لها[هذا هو قول مالك الذي رجع إليه] ومرة قال لها النفقة إذا قامت عليهم بعد وفاة الأبوقال أيضا تنفق بقدر حضانتها إذا كانت لو تركتهم لم يكن لهم بد من حاضن فجعل لها في هذا القول الآخر دون النفقةوأرى إن هي تأيمت لأجلهم وكانت هي الحاضنة والقائمة بأمرهم أن يكون لها النفقة وإن كانت أكثر من الأجرة لأنها لو تركتهم وتزوجت أتى من ينفق عليها فكان من النظر للولد كونهم في نظرها وخدمتهاوإن لم تكن تأيمت لأجلهم أو كانت في سن من لا يتزوج كان لها الأجرة وإن كانت دون نفقها وإن كان لهم من يخدمهم أو استأجرت من يقوم بخدمتهم وإنما هي ناظرة فيما يصلح للولد فقط لم أر لها شيئا».([100])
ثالثًا: الشافعية:
قالوا: تثبت أجرة الحضانة حتى للأم وهي على الصغير إن كان ذا مال وإلا فعلى الأب أو من يليه في وجوب النفقة على الصغير. وجعلوا للحضانة أجرًا غير أجر الرضاعة، ففي حاشية الجمل: «وهذه غير أجرة الإرضاع فإذا كانت الأم هي المرضعة فطلبت الأجرة على كل من الإرضاع والحضانة أجيبت … فإن احتاج الولد الذكر أو الأنثى لخدمة فعلى الوالد إخدامه بما يليق عرفًا ولا يلزم الأم خدمته كما يأتي وإن وجبت لها أجرة الحضانة لما تقرر أنها الحفظ والنظر في المصالح وهذا غير مباشرة الخدمة».([101])
رابعًا الحنابلة:
أثبتوا أجرة الحضانة للأم، بل قالوا إن الأم أحق بالحضانة مع أجرة المثل، وإن وجدت المتبرعة، فإن طالبت بما هو فوق أجر المثل لم تجب. ففي كشاف القناع: «فتقدم [الأم] (ولو بأجرة مثلها) مع متبرعة (كرضاع) فهي أي الأم (أحق) بحضانته من أبيه للحديث (ولأن أباه لا يتولى الحضانة بنفسه وإنما يدفعه إلى امرأة وأمه أولى من امرأة أبيه لشفقتها.)»([102])
الترجيح
الراجح حسب ما تقتضيه الأدلة وتعليلات أهل العلم هو ما ذكره الماتن فيقدر القاضي للحاضنة ما يسد حاجتها وحاجة ولدها إذ إن تفرغها لحضانة ولدها منعها من الزواج وقد يمنعها من الاحتراف لتحصيل معاشها.والحضانة والإرضاع متقاربان في المعنى، وقد قال الله تعالي ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾([103]) وقال: ﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ﴾([104]) ولكن إذا تعنتت الموسرةفأبت إلا فوق أجرة المثل، فإنها لا تجاب إلى ما تريد،ألم تر أن الله تعالى قال: ﴿وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ﴾([105]).وليترك للقاضي المسلم أن يقدر حال الرجل وحال المرأة من اليسار والإعسار ويحكم بينهما بالمعروف. وذلك لأن الأمر يحتاج إلى نظر ويختلف باختلاف البلدان وأعراف أهلها وأحوال الأبوين، فقد تتعذر معرفة أجرة المثل، وربما كانالوالد من أصحاب الثروات الطائلة فلا يليق بمثله أن يترك صغيره في حالرقيقة، ثم إن الصغير يعيش مع أمه تطعمه وتلبسه ويسكن معها فلا بد إذًا من النفقة عليها بما يسمح لها وللصغير بحياة تناسب حياة أبيه.
(1) إذا اختل أحد الشروط الشرعية المعتبرة في الحاضن.
(2) إذا استوطن الحاضن بلدًا يعسر معه على ولي المحضون القيام بواجباته.
(3) إذا سكت مستحق الحضانة عن المطالبة بها مدة سنة من غير عذر إلا لأسباب قاهرة.
(4) إذا سكنت الحاضنة الجديدة مع من سقطت حضانتها لسبب غير العجز البدني.
(5) إذا تزوجت الحاضنة بأجنبي عن المحضون.
انظر الكلام عن الشروط والانتقال بالمحضون أعلاه.
أما السقوط بسكن الحاضنة الجديدة مع من سقطت حضانتها لسبب غير العجز البدني، فإن حضانة من سقطت حضانتها أولاً إنما سقطت لأمور منها: نكاح أجنبي عن الولد، وهو من أجل ألا يجتمع الولد مع زوج الأم في دار واحدة، وتقدم الخلاف في نكاح غير الأم. أو لفسق، فيؤثر فسقها على الولد، أو لسكن في ناحية غير مأمونة، فكذلك، أو لمرض معد، فكذلك أيضًا. ولكن اختلف المالكية في جدة حاضنة تسكن مع ابنتها وزوجها الثاني، فقال صاحب التاج- رحمه الله -: «وقال المتيطي: إن كانت الجدة للأم ساكنة مع ابنتها في دار زوجها الثاني لم يلزمها الخروج من الدار، ولم يكن للزوج حجة في بقاء الولد مع الأم والزوج الثاني في موضع واحد. قال ابن الحاجب في نوازله: وبهذا أفتيت وهو قول سحنون وما نقل المتيطي خلافه. وقال ابن سلمون: المشهور الذي به العمل خلاف هذا».([106]) ولعل ترك الأمر هنا لتقدير القاضي حسن، فقد تكون معها في نفس الدار ولكنها مستقلة بناحية منها، فلا يضر اجتماع الولد مع زوج الأم في دار واحدة، وقد قال ابن عابدين في حاضنة تعيش مع أجنبي عن الولد: «الأصوب التفصيل وهو أن الحاضنة إذا كانت تأكل وحدها وابنها معها فلها حق لأن الأجنبي لا سبيل له عليها ولا على ولدها بخلاف ما إذا كانت في عيال ذلك الأجنبي أو كانت زوجة له وأنت علمت أن سقوط الحضانة بذلك لدفع الضرر عن الصغير فينبغي للمفتي أن يكون ذا بصيرة ليراعي الأصلح للولد».([107]) قلت: فلعل الجدة أو الخالة إن سكنتا مع أم المحضون وزوجها الثاني ينظر في أمرهما ومدى استقلالهما عن زوج الأم قبل إسقاط الحضانة عنهما.
وأما السكوت عن المطالبة، فمهما سكت المستحق فلا إشكال، ولكن إن سكت ثم عاد فطالب بحقه، ففيه خلاف. قال ابن عابدين- رحمه الله -: «( قوله: فتنتقل للجدة ) أي تنتقل الحضانة لمن يلي الأم في الاستحقاق كالجدة إن كانت، وإلا فلمن يليها فيما يظهر، واستظهر الرحمتي أن هذا الإسقاط لا يدوم فلها الرجوع لأن حقها يثبت شيئا فشيئا فيسقط الكائن لا المستقبل».([108])
وبقول الحنفية قال الشافعية والحنابلة، ففي كشاف القناع: «(ومن أسقط حقه منها) أي الحضانة سقط لإعراضه عنه وله العود في حقه (متى شاء) أنه يتجدد بتجدد الزمان كالنفقة انتهى».([109])
وخالف المالكية، ففي التاج: «تزويج الحاضنة أجنبيا من المحضون يسقط حضانتها بدخولها لا قبل الدخول (إلا أن يعلم ويسكت العام)… وسمع ابن القاسم: إن ردت مطلقة ولدها لزوجها استثقالا ثم طلبته لم يكن لها ذلك.ابن رشد: ولو ردته لعذر مرض أو عدم لبن كان لها أخذه إن صحت أو عاد اللبن، ولو تركته بعد زوال عذرها السنة وشبهها فلا. وسئل ابن رشد عمن تزوجت وبقيت بنتها معها ثلاثة أعوام ثم أراد الأب أخذها قال: لا سبيل له إلى ذلك. قال: وقد وجدت الرواية بهذا في كتاب التونسي».([110])
ولعل ما ذكره الماتن متجه لأن عدم المطالبة بالحق زمنًا طويلاً ثم المطالبة به من غير بيان السبب مدعاة إلى التهمة بقصد المضارة بالآخر. أما إذا بين المستحق السبب وكان أولى ممن آلت إليه الحضانة، فيترجح قول الجمهور من جهة أنه حق متجدد ومن جهة حق الولد الذي لا يسقطه سكوت المستحق الأولى.
حق الزيارة والاستزارة والاستصحاب:
اتفق
الفقهاء على أن لكل من أبوي المحضون إذا افترقا حق رؤيته وزيارته،لأن المنع من ذلك
فيه قطيعة رحم، لكنهم اختلفوا في تفاصيل ذلك،فقال الأحناف: لا يجبر أحدهما على
إرسال المحضون إلى مكان الآخر، بل يخرجه كل يوم إلى مكان يمكن للآخر أن يراه فيه.
قال ابن عابدين- رحمه الله-: «لها إخراجه إلى مكان يمكنه أن يبصر ولده كل يوم»([111]) وعند المالكية إن كان
المحضون عند الأم لا تمنعه من الذهاب إلى أبيه يتعهده ويعلمه،([112]) وإن كان عند
الأب فلها الحق في رؤيته كل يوم في بيتها، ولو كانت متزوجة من أجنبي من المحضون.
واختار الشافعية والحنابلة للمحضون الأنثى أن تكون عند حاضنها ليلا ونهارا، لأنه
لا حاجة بها إلى الإخراج، ففي فتح الوهاب: «… أو أنثى فعندها أبدا
ويزورها الأب على العادة) ولا يطلب إحضارها عنده»([113])ولا يمنع أحد الأبوين من زيارتها
عند الآخر. قال ابن قدامة «إذا
كانت الجارية عند الأم أو الأب فإنه تكون عنده ليلا ونهارًا .. ولا يمنع
أحدهما من زيارتها عند الأخر.. وإن مرضت
فالأم أحق بتمريضها في بيتها»([114]). فإلم يأذن زوج الأم بدخول
الأب أخرجتها إليه. والزيارة عند الشافعية تكون مرة كل يومين فأكثر لا في كل يوم. «(ولا يمنع أما زيارتهما) أي
الذكر والأنثى (على العادة) كيوم في أيام لا في كل يوم»([115])وعند الحنابلة تكون الزيارة
على ما جرت به العادة كاليوم في الأسبوع. وإن كان المحضون ذكرا عند أبيه كان عنده
ليلا ونهارا، ويزور أمه مرة كل يومين فأكثر عند الشافعية ومرة كل أسبوع
عندالحنابلة. وإن مرض الولد فالأم أحق بالتمريض.([116])
وإن مرض أحد الأبوين والولد عند الآخر لم يمنع من عيادته، سواء أكان ذكرا أم أنثى.
وإن مرضت الأم لزم الأب أن يمكن الأنثى من تمريضها إن أحسنت ذلك. وذلك كله مع
الاحتراز من الخلوة بين الأبوين الذين صارا أجنبيين بالطلاق.
- الأحوال الشخصية [كتاب]/ المؤلف محمد أبو زهرة. – القاهرة: دار الفكر العربي. – الثانية.
- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل [كتاب]/ المؤلف محمد ناصر الدين الألباني. – بيروت ودمشق: المكتب الإسلامي، 1399هـ. – الأولى. – خرج فيه أحاديث (منار السبيل في شرح الدليل) أحد الشروح في الفقه الحنبلي للعلامة إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان المتوفى سنة (1353هـ) والذي شرح فيه (دليل الطالب) أحد المتون الحنبلية المعتمدة للعلامة مرعي بن يوسف المقدسي المتوفي سنة (1033هـ).
- الأم [كتاب]/ المؤلف محمد بن إدريس الشافعي. – بيروت: دار المعرفة، 1393 هـ. – الثانية.
- التاج والإكليل لمختصر خليل [كتاب]/ المؤلف محمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري (المواق)، أبو عبد الله. – بيروت: دار الفكر، 1398 هـ. – الثانية. – شرح فيه (مختصر خليل) أحد المتون المالكية المعتمدة للعلامة أبي محمد ضياء الدين خليل ابن إسحاق بن موسى بن شعيب المتوفى سنة (776هـ).
- حاشية ابن عابدين (حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار) [كتاب]/ المؤلف محمد بن أمين بن عمر (ابن عابدين). – بيروت: دار الفكر، 1421هـ. – حاشية على الدر المختار، وهو شرح العلامة الحصكفي المتوفى (1088هـ) على كتاب تنوير الأبصار للعلامة ابن تمرتاش الغزي الحنفي المتوفى (1004هـ).
- حاشية البجيرمي على الخطيب (تحفة الحبيب على شرح الخطيب) [كتاب]/ المؤلف سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي. – بيروت: دار الفكر. – حاشية سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي (ت1221هـ) على (الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع) لمحمد الشربيني الخطيب (ت977هـ) والذي شرح فيه متن (الغاية والتقريب) لأبي شجاع أحمد بن الحسين الأصفهاني العباداني الشافعي المُعَمِّر (ت593هـ).
- السنن الكبرى (سنن النسائي) [كتاب]/ المؤلف سيد كسروي حسن أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي/ تحقيق: عبد الغفار سليمان البنداري. – بيروت: دار الكتب العلمية، 1411 هـ.
- الشرح الكبير [كتاب]/ المؤلف أحمد الدردير أبو البركات/ تحقيق: محمد عليش. – بيروت: دار الفكر. – شرح فيه (مختصر خليل) أحد المتون المالكية المعتمدة للعلامة أبي محمد ضياء الدين خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب المتوفى سنة (776هـ).
- صحيح البخاري (الجامع الصحيح المختصر) [كتاب]/ المؤلف محمد بن إسماعيل البخاري. – بيروت: دار ابن كثير واليمامة، 1407 هـ. – الثالثة.
- صحيح مسلم [كتاب]/ المؤلف مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري/ المحقق محمد فؤاد عبد الباقي. – بيروت: دار إحياء التراث العربي.
- الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية [كتاب]/ المؤلف أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني/ تقديم حسنين محمد مخلوف. – بيروت: دار المعرفة.
- فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب [كتاب]/ المؤلف زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري أبو يحيى – بيروت: دار الكتب العلمية، 1418 هـ، الطبعة الأولى.
- الفقه على المذاهب الأربعة [كتاب]/ المؤلف عبد الرحمن الجزيري.– بيروت: شركة دار الأرقم – الأولى.
- القاموس المحيط [كتاب]/ المؤلف مجد الدين محمد بن يغقوب الفيروزآبادي. – بيروت: مؤسسة الرسالة. – الخامسة.
- كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية [كتاب]/ المؤلف أحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس. – القاهرة: مكتبة ابن تيمية، الطبعة الثانية، تحقيق : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي.
- كشاف القناع عن متن الإقناع [كتاب]/ المؤلف منصور بن يونس بن إدريس البهوتي/ تحقيق: هلال مصيلحي مصطفى هلال. – بيروت: دار الفكر، 1402 هـ. – شرح فيه (الإقناع) للحجاوي (ت960هـ).
- لسان العرب [كتاب]/ المؤلف محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري. – بيروت: دار صادر. – الأولى.
- المدونة الكبرى [كتاب]/ المؤلف مالك بن أنس. – بيروت: دار صادر. – مجموعة من الأسئلة والأجوبة عن مسائل الفقه وردت للإمام مالك، جمعها وصنفها عبد السلام بن سعيد التنوخي الملقب بسحنون (ت 240هـ ) والذي رواها عن عبد الرحمن بن القاسم (ت 191هـ) عن الإمام مالك بن أنس.
- المدونة الكبرى [كتاب]/ المؤلف مالك بن أنس. – بيروت: دار صادر. – مجموعة من الأسئلة والأجوبة عن مسائل الفقه وردت للإمام مالك، جمعها وصنفها عبد السلام بن سعيد التنوخي الملقب بسحنون (ت 240هـ) والذي رواها عن عبد الرحمن بن القاسم (ت 191هـ) عن الإمام مالك بن أنس.
- مصنف ابن أبي شيبة (الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار) [كتاب]/ المؤلف أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي/ المحقق كمال يوسف الحوت. – الرياض: مكتبة الرشد، 1409. – الأولى.
- مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى [كتاب]/ المؤلف مصطفى السيوطي الرحيباني. – دمشق: المكتب الإسلامي، 1961م. – شرح (غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى) للكرمي (ت 1033هـ) جمع (الإقناع) للحجاوي (ت960هـ) و(منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات) لابن النجار (ت972هـ) والذي جمع بين (التنقيح المشبع) للمرداوي (ت885هـ) و(المقنع) لابن قدامة (ت620هـ).
- مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج [كتاب]/ المؤلف محمد الخطيب الشربيني. – بيروت: دار الفكر. – شرح فيه (منهاج الطالبين وعمدة المفتين) أحد المتون الشافعية للنووي (ت 676هـ) اختصار (المحرر) للرافعي (ت 623هـ) والذي استمده من (الوجيز) للغزالي (ت 505) اختصار (الوسيط) له، اختصار (البسيط) له أيضًا، اختصار (نهاية المطلب في دراية المذهب) للجويني (ت 478هـ).
- المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني [كتاب]/ المؤلف عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي. – بيروت: دار الفكر، 1405 هـ. – الأولى. – ليس يقتصر على المذهب الحنبلي، بل يعرض الخلاف داخل وخارج المذهب، مع الاستدلال والترجيح، فكان عمدة كتب الفقه المقارن، ولم يدانه في بابه كتاب.
- المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني [كتاب]/ المؤلف عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي. – بيروت: دار الفكر، 1405 هـ. – الأولى. – ليس يقتصر على المذهب الحنبلي، بل يعرض الخلاف داخل وخارج المذهب، مع الاستدلال والترجيح، فكان عمدة كتب الفقه المقارن، ولم يدانه في بابه كتاب.
- منح الجليل شرح على مختصر سيد خليل [كتاب]/ المؤلف محمد عليش. – بيروت: دار الفكر، 1409هـ. – شرح فيه (مختصر خليل) أحد المتون المالكية المعتمدة للعلامة أبي محمد ضياء الدين خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب المتوفى سنة (776هـ).
- مواهب الجليل لشرح مختصر خليل [كتاب]/ المؤلف محمد بن عبد الرحمن المغربي (الحطاب)، أبو عبد الله. – بيروت: دار الفكر، 1398 هـ. – شرح فيه (مختصر خليل) أحد المتون المالكية المعتمدة للعلامة أبي محمد ضياء الدين خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب المتوفى سنة (776هـ).
- الموسوعة الفقهية [كتاب]/ المؤلف وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت. – الكويت: وزارة الأوقاف الكويتية.
- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار [كتاب]/ المؤلف محمد بن علي بن محمد الشوكاني. – بيروت: دار الجيل، 1973 هـ.
استحقاق الأم غير المسلمة للحضانة: 3
المستحقون للحضانة عند افتراق الأبوين: 4
انتهاء الحضانة الواجبة على الأم: 4
حق الزيارة والاستزارة والاستصحاب: 5
وهل تجب الحضانة على مستحقها: 8
البلوغ والعقل والرشد والحرية: 8
استحقاق الأم غير المسلمة للحضانة: 14
المستحقون للحضانة عند افتراق الأبوين: 15
انتهاء الحضانة الواجبة على الأم: 21
حق الزيارة والاستزارة والاستصحاب: 31
([1]) انظر لسان العرب ج 13 ص 123؛ القاموس المحيط، 1536.
([2]) انظر التاج والإكليل ج 4 ص 214؛ شرح منتهى الإرادات ج 3 ص 248.
([3]) مغني المحتاج ج 2 ص 418؛ شرح منتهى الإرادات ج 3 ص 248.
([4]) التاج والإكليل ج 4 ص 214.
([5]) المغني ج 8 ص 191.
([6]) شرح مختصر خليل ج 4 ص 13.
([7])كشاف القناع ج 5 ص 497.
([8]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 560-561.
([9]) التاج والإكليل ج 4 ص 214.
([10]) انظر كشاف القناع ج 5 ص 497.
([11]) التاج والإكليل لمختصر خليل ج 4 ص 214.
([12]) راجع الفقه على المذاهب الأربعة 4/563. المغني 8/190 والمدونة الكبرى 5/306 والأحوال الشخصية 405.
([13]) المصدر السابق.
([14]) غاية البيان شرح زبد ابن رسلان ج 1 ص 285.
([15]) كشاف القناع ج 5 ص 497.
([16]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 556.
([17]) الفقه على المذاهب الأربعة ج 4 ص 565.
([18]) كشاف القناع ج 5 ص 497.
([19]) التاج والإكليل لمختصر خليل ج 4 ص 214.
([20]) وقيده الأحناف – خلافًا للجمهور – بمن دخل بها دون من عقد عليها. حاشية ابن عابدين ج 3 ص 566-567.
([21]) نيل الأوطار ج 6 ص 369.
([22]) نيل الأوطار ج 6 ص 369.
([23]) زاد المعاد ج 5 ص 454-455.
([24]) قال الألباني في الإرواء: حسن أخرجه أبو داود (2276) والدار قطني (418) وكذا الحاكم (07 / 22) وعنه البيهقي (8/ 4 – 5) وأحمد (2 / 182) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو… وقال الحاكم: (صحيح الإسناد). ووافقه الذهبي ! قلت: وإنما هو حسن فقط للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. [إرواء الغليل (7/244) حديث رقم 2187].
([25]) أرواء الغليل ج 7 ص 245.
([26]) قال الألباني في الإرواء: «أخرجه أحمد … وأبو داود … وأخرجه الحاكم (3 / 120) بتمامه والترمذي (2 / 299) ببعضه وقال: (هذا حديث حسن صحيح). وقال الحاكم: (صحيح الإسناد ولم يخرجاه). ووافقه الذهبي».
([27]) نفس المصدر السابق.
([28]) التاج والإكليل لمختصر خليل ج 4 ص 214 والفقه على المذاهب الأربعة ج 4 ص 566.
([29]) نيل الأوطار ج 6 ص 370.
([30]) كشاف القناع ج 5 ص 497.
([31]) التاج والإكليل ج 4 ص 214
([32]) الفقه على المذاهب الأربعة ج 4 ص 565.
([33]) المدونة الكبرى ج 5 ص 356التاج والإكليل لمختصر خليل ج 4 ص 214.
([34]) أي اتفاق الأربعة مذاهب، لاحظ أن الشرط الخامس فيه خلاف طويل ولكن الجزء المذكور أعلاه محل اتفاق الأربعة.
([35]) المغني 8-190
([36]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 565-566
([37]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 565-566
([38]) أحمد 5/447 النسائي 3/381.
([39]) قال الشوكاني في النيل: “وقال ابن المنذر لا يثبته أهل النقل وفي إسناده مقال ولكنه قد صححه الحاكم وذكر الدارقطني أن البنت المخيرة اسمها عميرة وقال ابن الجذري رواية من روى أنه كان غلاما أصح” النيل 6/371.
([40]) نيل الأوطار ج 6 ص 371.
([41]) قال الألباني في الإرواء: 2187 – (حديث (أنت أحق به ما لم تنكحي) رواه أبو داود). حسن أخرجه أبو داود (2276) والدار قطني (418) وكذا الحاكم (07 / 22) وعنه البيهقي (8 / 4 – 5) وأحمد (2 / 182) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو… وقال الحاكم: (صحيح الإسناد). ووافقه الذهبي ! قلت: وإنما هو حسن فقط للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. [إرواء الغليل (7/244) حديث رقم 2187]
([42]) انظر حاشية ابن عابدين ج 3 ص 568 والأحوال الشخصية 405.
([43]) وقدم بعضهم الخالة على الأخت لأب وعلى.
([44]) بنت الأخت لأب.
([45]) انظر: التاج والإكليل ج 4 ص 214 والفقه على المذاهب الأربعة 4/563.
([46]) انظر فتح الوهاب ج 2 ص 214 والفقه على المذاهب الأربعة ج 4 ص 564.
(*) لا بد أن تكون الأم وارثة نلاحق لأم أبي الأم أو لأم أبي أم أب.
(*) لا بد أن تكون الأم وارثة نلاحق لأم أبي الأم أو لأم أبي أم أب.
([48]) لا تسلم لابن العم الصغيرة المطيقة للوطء.
([49]) انظر شرح منتهى الإرادات ج 3 ص 248 وكشاف القناع ج 5 ص 496 والمغني ج 8 ص 197.
([50]) وفي رواية أخري أم الأب قبلها.
([51]) لا حضانة لأم أبي الأم لأنها لا ترث.
([52]) وفي رواية أخري يقدم على أمهات الأم وفي أخرى تقدم عليه الخالة.
([53]) في رواية أخرى قدم عليها الخالة.
([54]) لاحظ هنا أن الأخت لأب قدمت على الأخت لأم – نص عليه أحمد.
([55]) لا حضانة للأخوال.
([56]) وفي رواية قدمت على خالة الأب
([57]) لا حضانة لعمات الأم
([58]) المغني ج 8 ص 197.
([59]) المغني ج 8 ص 197.
([60]) الأنفال: 75.
([61]) قال الألباني في الإرواء: “ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) … وقد قال ابن عبد البر كما في (زاد المعاد): (هذا حديث مشهور من وجوه منقطعة ومتصلة تلقاه أهل العلم بالقبول والعمل).”إرواء الغليل (7/244) حديث رقم 2188.
([62]) التاج والإكليل ج 4 ص 214.
([63]) حاشية رد المختار على الدر المختار ج 3 – ص 566-567.
([64]) زاد المعاد ج 5 ص 475.
([65]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 556.
([66]) قال الألباني في الإروداء 7/250 “أخرجه أبو داود (277) والنسائي 2/109 والداري (ص298 ـ هندية) والحاكم 4/97) والبيهقي، وقال الحاكم صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وقال الترمذي: حسن صحيح … وهذا إسناد صحيح.
([67]) قال الألباني في الأرواء 7/252 “ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة”
([68]) قال الألباني في الإرواء:«صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (7 / 134 / ا): نا ابن عيينة عن يزيد بن يزيد بن جابر عن إسماعيل بن عبد الله (1) عن عبد الرحمن بن غنيم قال: (شهدت عمر خير صبيا بين أبيه وأمه). قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات..».
([69]) انظر حاشية ابن عابدين ج 3 ص 566-567 والفقه على المذاهب الأربعة 4/566 والأحوال الشخصية 412.
([70]) انظر التاج والإكليل ج 4 ص 214 والفقه على المذاهب الأربعة 4/567.
([71]) مغني المحتاج ج 3 ص 457.
([72]) انظر كشاف القناع ج 5 ص 502 والمغني 8/192 – 193
([73]) المغني ج 8 ص 192 – 193
([74]) المغني ج 8 ص 192.
([75]) المغني ج 8 ص 192.
([76]) التاج والإكليل ج 4 ص 214
([77]) شرح منتهى الإرادات ج 3 ص 248
([78]) المبسوط للسرخسي ج 5 ص 213
([79]) فتاوى الرملي ج 5 ص 85.
([80]) المبدع ج 8 ص 204.
([81]) المغني ج 8 ص 189.
([82]) التاج والإكليل ج 4 ص 214
([83]) فتح الوهاب ج 2 ص 215
([84]) كشاف القناع ج 5 ص 502
([85]) تحفة الحبيب على شرح الخطيب (البجيرمي على الخطيب) ج 4 ص 486
([86]) انظر التاج والإكليل ج 4 ص 217.
([87]) تحفة الحبيب على شرح الخطيب (البجيرمي على الخطيب) ج 4 ص 486.
([88])انظر حاشية ابن عابدين ج 3 ص 570 والتاج والإكليل ج 4 ص 217 و تحفة الحبيب على شرح الخطيب (البجيرمي على الخطيب) ج 4 ص 486 و كشاف القناع ج 5 ص 500 و المغني 8-193.
([89]) المغني ج 8 ص 193.
([90]) كشاف القناع ج 5 ص 500
([91]) منح الجليل ج 4 ص 429
([92]) انظر تحفة الحبيب على شرح الخطيب (البجيرمي على الخطيب) ج 4 ص 486والفقه على المذاهب الربعة 568.
([93]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 570
([94]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 570
([95]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 570
([96]) المغني 8-193
([97]) رواه الحاكم في المستدرك عن عمران بن الحصين.
([98]) المقصود أجرة المثل فإن سألت فوق ذلك لم تعط إلا إذا عدم من يأخذ أجرة المثل.
([99]) انظر حاشية ابن عابدين ج 3 ص 561
([100]) مواهب الجليل ج 4 ص 221
([101]) حاشية الجمل على شرح المنهج ج 4 ص 516
([102]) كشاف القناع ج 5 ص 496
([103]) أبو داود (2276) الدار قطني (418) أحمد (2/182) راجع الإرواء 7/244.
([104]) البقرة 233.
([105]) الطلاق 6.
([106]) التاج والإكليل ج 4 ص 214
([107]) حاشية رد المختار على الدر المختار ج 3 ص 566-567
([108]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 559
([109]) كشاف القناع ج 5 ص 497
([110]) التاج والإكليل لمختصر خليل ج 4 ص 214
([111]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 571
([112]) مجموع الفتاوى ج 34 ص 128
([113]) فتح الوهاب ج 2 ص 215
([114]) المغني ج 8 ص 193
([115]) فتح الوهاب ج 2 ص 215
([116]) مجموع الفتاوى ج 34 ص 128