تم نشر هذا البحث في مجلة الجنان العلمية المحكمة، العدد: الأول – شباط 2011
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
بسم الله والحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بلغ عن ربه فأتم البلاغ، وبين لنا شرائع ديننا في شتى مناحي الحياة حتى غبطنا على بيانه أهل الكتاب، فاللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع ملته إلى يوم الدين آمين. وبعد،
في هذه الورقات عرض لأسئلة العاملين في المجال الطبي من المسلمين المقيمين بالولايات المتحدة الأمريكية، يسألون فيها عن أمور تعرض لهم أثناء عملهم وتسبب لهم حرجاً شرعياً. وجل ما عندهم من مسائل يشاركهم فيها الأطباء المسلمون في كل مكان.
وقد مهدت قبل تناول الأسئلة بكلام مختصر عن أهمية تعلم الطب وممارسته وحكم التداوي وتعريف الحاجة وأثرها على مسائل هذا الباب، وكذلك أثر اختلاف الدار وقبل ذلك حكم الإقامة في غير بلاد المسلمين للناس عامة والأطباء خاصة. ثم شرعت في عرض الأسئلة المطروحة مع بيان ما ظهر لي صوابه من الأجوبة.
و هذه هي المواضيع حسب ورودها:
أولاً: التمهيد:
- أهمية الطب وعلومه.
- حكم التداوي.
- حكم الإقامة في البلاد غير الإسلامية للأطباء.
- أثر الحاجة على الأحكام في القطاع الطبي.
- أثر المكان (الدار) على الأحكام.
ثانياً: المسائل:
- الاختلاط غير المنضبط وتوابعه.
- مداواة الرجال للنساء والعكس.
- حضور اللقاءات والمؤتمرات التي يشرب فيها الخمر.
- حلق اللحى للجراحين.
- المداواة المحرمة أو بالمحرمات.
- إجراء التجارب على الحيوان والإنسان والتشريح.
أولاً: التمهيد
أهمية الطب وعلومه:
إن الضرورات الخمس التي يراعيها دين الإسلام هي حفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل ([1]).
ولما كان الطب معنياً بحفظ النفس والعقل والنسل – بل وحفظ الدين والمال من وجه أيضاً – كانت له تلك الأهمية العظمى في حياة الأفراد والمجتمعات الإنسانية على وجه العموم، وعده علماء الشريعة الإسلامية من فروض الكفايات.
قال الإمام النووي – رحمه الله -: “وأما العلوم العقلية فمنها ما هو فرض كفاية كالطب والحساب المحتاج إليه”([2]).
بل إنك تجد إماماً جليلاً كالشافعي – رحمه الله – يقول: “لم أعلم علماً بعد الحلال والحرام أنبل من الطب”([3]) وقصد الشافعي – رحمه الله – بعلم الحلال والحرام علم الدين كله فليس العلم بالعقيدة دون العلم بالحلال والحرام بحال، فهي أساس تقرير الأحكام وسور حمايتها.
وهذا الكلام من الإمام الشافعي – رحمه الله – في غاية الوجاهة، فإن العلم بالحلال والحرام يحفظ على الناس أديانهم، وعلم الطب يحفظ عليهم أبدانهم، فكان بديهياً أن يكون تالياً في المرتبة مباشرة لعلم الحلال والحرام.
إن مهنة الطب على ذلك من أجل فروض الكفايات، وهذه الأخيرة ثوابها عظيم، حتى قال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني – رحمه الله –: ” فرض الكفاية أفضل من فرض العين لما فيه من نفي الحرج عن الغير “([4]), وهذا التفضيل قد يسوغ من جهة في إطار هذا التعليل، وإن كان فرض العين من حيث الترتيب أعلى من فرض الكفاية.
ويكفي الطب شرفاً قول رسول الله r: ” الله الطبيب “([5]), ومن شرف الطب أيضاً أن سيد الخلق r قد مارس التطبيب؛ وقد جمع أهل العلم من طبه الشيء العظيم وألفوا فيه التآليف الكثيرة. ومازالت الحقائق العلمية المكتشفة حديثاً تشهد على سبق طبه r وإعجازه. ولقد سار على درب رسول الله r في المعرفة بالطب والتطبيب أئمة أعلام كالشافعي و موفق الدين عبد اللطيف البغدادي وابن تيمية – رحمهم الله – وغيرهم.
من أجل ذلك كان حرياً بالمجتمعات الإسلامية أن تولي مهنة الطب الرعاية الكاملة التي تستحقها وأن تنتدب الخيار من الأَكْفاء لتعلم الطب وممارسته.
حكم التداوي:
أهمية تحرير هذه المسألة هو أنه يعترض أحياناً على تجويز بعض الممنوعات في القطاع الطبي بأن التداوي لا يعدو أن يكون جائزاً، فكيف يتجرأ على الحرام لفعل ما هو جائز.
و التداوي عموماً قد تعتريه الأحكام الخمسة، قال الإمام ابن تيمية – رحمه الله -: ” التحقيق أن من التداوي ما هو محرم، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو مستحب، ومنه ما هو واجب، وهو ما يعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره، ليس التداوي بضرورة بخلاف أكل الميتة”([6]), وربما كان وجيهاً قوله “ليس التداوي بضرورة بخلاف أكل الميتة” في زمنه، أما الآن فمن التداوي ما هو ضرورة لأنه يندفع به – في كثير من الحالات – الضرر العظيم عن النفس أو الأعضاء على وجه القطع أو غلبة الظن المقاربة لليقين.
ولقد ذهب الجمهور إلى الاستحباب دون الوجوب لأدلة نعرضها ونناقشها في السطور الآتية:
- ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن امرأة جاءت إلى النبي r فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يَشْفِيني. فقال: إن شئتِ دعوتُ الله فشفاك، وإن شئت صَبَرْتِ ولك الجنة. قالت: يا رسول الله أَصْبِر “([7]).
ومحل الشاهد أنه r خيرها بين طلب الشفاء بدعوته والصبر على المرض، ويذكر بعض القائلين بالاستحباب أنه أقوى ما في الباب في الدلالة على عدم وجوب التداوي كله، ولا أرى ذلك، لأن هناك فرقاً بين طلب الدعاء والتداوي، ثم إن هذه واقعة عين ولعل النبي أراد أن يدخر لها الدعوة لأمر أعظم من الشفاء كدخول الجنة، ولعل النبي أراد غير ذلك كالتأكيد على معاني الصبر والتوكل وعدم سؤال الناس، فالقصة إذاً محتملة لوجوه ولذا لا أرى أن يستدل بها على ترك التداوي.
- ترك كثير من السلف للتداوي من غير إنكار عليهم، قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: ” ولأن خلقاً من الصحابة والتابعين لم يكونوا يتداوون بل فيهم من اختار المرض كأبي بن كعب وأبي ذر ومع هذا فلم ينكر عليهم ترك التداوي”([8]).
وعدم إنكار الصحابة على بعضهم ترك التداوي دليل على عدم وجوبه. ولعل ذلك إن جاز من الصحابة في زمانهم فلا ينبغي أن يجوز في زماننا وذلك للفرق بين الدواء في زمانهم وزماننا، فإنه لا ينكر عاقل ما صار إليه الطب في زماننا من تقدم هائل حتى يمكن أن نقطع بأن هذا الدواء ينفع هذا المرض ([9]) بإذن الله كما يقطع السكين اللحم وتحرق النار الخشب.
نعم هذا غير مطرد في كل الأمراض والأدوية ولكن متى حصلت غلبة الظن بنفع الدواء المعين لم يجز في دين الإسلام -القائم في تشريعاته على جلب المصالح ودفع المفاسد- ترك التداوي به، ويبقى ترك الصحابة للتداوي من غير نكير منهم على بعض دليلاً على جواز ترك التداوي في بعض الحالات لا كلها كما سنبين.
- قولهم أن ترك التداوي أفضل لأنه تمام التوكل.
وهو مردود بتداوي سيد المتوكلين r وأصحابه، بل إن رسول الله r قد بين أن الدواء من قدر الله الذي يطلب والداء من قدر الله الذي يدفع.
قال r: ” الدواء من القدر وقد ينفع من يشاء بما شاء “([10]).
أما استدلالهم بحديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ([11])ووصف الرسول r إياهم بأنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فهذا ليس فيه ذكر التطبيب عموماً، ونذكر قريباً ما يبين أن المذموم ليس عموم الكي؛ والراجح أنه كذلك ليس فيه عيب الرقية الشرعية فقد رَقَى ([12]) رسول الله r ورُقِي ([13]) بل إنه r قال للصحابة الذين عرضوا عليه رقاهم: ” من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل”([14]).
4- ما ذكروا من تركه r للتداوي كما جاء في حديث أبي رِمْثَة: “دخلت مع أبي على رسول الله r فرأى أبي الذي بظهر رسول الله r فقال دعني أعالج الذي بظهرك فإني طبيب. فقال: أنت رفيق والله الطبيب”([15]), فإن هذه واقعة عين لا يستدل بها إذا تطرقها الاحتمال ([16])، وهنا أكثر من احتمال: فربما أن رسول الله r كره أن يعالجه ذلك الرجل بالذات ([17]), أو أنه كان r أعلم بعلاج ما فيه، أو أنه كره شيئاً من سلوك الرجل، وقد ذكر صاحب عون المعبود أنه جاء في بعض روايات الحديث عند أحمد أن الرجل قال لرسول الله:r ” يا نبي الله إني رجل طبيب من أهل بيت أطباء فأرني ظهرك فإن تكن سلعة أبطها وإن كان غير ذلك أخبرتك فإنه ليس من إنسان أعلم مني”([18]).
والذي يترجح، مع جريان الأحكام الخمسة على التداوي في العموم، هو وجوب التداوي من الأمراض المضرة متى كانت الأدوية مأمونة وميسورة. وأنا أضع بين يديك مجموعة من الأدلة التي ترجح جانب الفعل على الترك، وبعضها قد يستدل به على الوجوب.
(1) أمره r بالتداوي.
عن أسامة بن شريك -رضي الله عنه- قال: ” كنت عند النبي r وجاءت الأعراب فقالوا: يا رسول الله أنتداوى ؟ فقال: نعم، يا عباد الله تَدَاوَوْا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد. قالوا: ما هو؟ فقال: الهَرَم “([19]).
نعم، جاء الأمر بعد سؤال ولعل ذلك يصرفه عن الوجوب ولكن الأحاديث كثيرة في حضه r على التداوي وإرشاده إليه وتنبيهه إلى نفعه. وأنت ترى أنه في هذا الحديث يعلل أمره بالتداوي بما فيه من النفع والمسلم ينبغي أن يحرص على ما ينفعه.
(2) بيانه أن لكل داء دواء
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله r: ” ما أنزل الله داءاً إلا أنزل له شفاءً “([20]). وفيه التوكيد على نفع التداوي وأنه حقيقي غير متوهم.
(3) ممارسته r للتطبيب، فعن أبي سعيد: ” أن رجلاً أتى النبي r فقال: أخي يشتكي بطنه، فقال: اسقه عسلاً “([21]).
وكذلك داوى رسول الله r بأبوال وألبان الإبل ([22]), وحض على التداوي بالحبة السوداء ([23]), وبالتَلْبِينَة ([24]), وبالقُسْط الهندي ([25]).
وبالحجامة ([26]), وغيرها كثير. وبعث إلى أبي بن كعب – رضي الله عنه – طبيباً فقطع منه عرقه ثم كواه عليه ([27])، وهو دليل على جواز التداوي بالجراحة وفيه أن النهي عن الكي ليس عن عمومه وإنما عن الكي لغير حاجة أو مع وجود البدائل.
(4) وتداوى رسول الله r – وخير الهدي هدي محمد – وصحت الأخبار أنه تداوى بالحجامة ([28]), والحِنّاء ([29]), وغيرها.
إن الأدلة الثلاثة السابقة تدفع ما قد يعترض به المخالف من كون التداوي متوهم النفع أو منافيًا لكمال التوكل، وإن كانت لا تدل أصالة على وجوب التداوي.
(5) لا ضَرر ولا ضِرار ([30]).
و هذا الحديث -الذي هو من أصول الدين وقاعدة فقهية كلية كبرى- خير دليل على وجوب التداوي إذا غلب على الظن أنه يندفع به المرض، فأي ضرر دنيوي فوق ضرر المرض.
و إن ضرر المرض ليس يعطل المرء عن الضرب في الأرض وعمارتها واكتساب الرزق فحسب، بل إنه يعطل عن الكثير من المصالح الدينية للفرد والأمة، كالجهاد والدعوة وتعلم العلم وتعليمه وشهود الجماعات والحج والعمرة والصيام وجل الأعمال البدنية بل والمالية، بل وفي بعض الأحيان القلبية أيضاً كالرضا والشكر. والعافية أوسع للمؤمن وأصلح لدينه ودنياه.
إن القادر على أن يدفع عن نفسه المرض ويصوم رمضان لا أرى أنه يحل له أن يترك التداوي والصوم.
إن القول بوجوب التداوي من الأمراض المضرة بالأدوية المأمونة والميسورة إذاً هو الجاري على أصول الشريعة السمحاء التي جاءت بما فيه نفع الناس في الدنيا والآخرة.
ولقد قال رسول الله r: ” احرص على ما ينفعك”([31]), وبين أن التداوي فيه نفع كما سبق. ولقد عنون الإمام مسلم– رحمه الله – لهذا الحديث السابق بقوله ” باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله “.
من أجل هذه الأدلة وغيرها فإن الذي يترجح هو وجوب التداوي والحض عليه ولكن لا يكون التداوي دائماً واجباً، بل يكون أحياناً مباحاً إذا كان في الدواء ضرر يساوي ضرر المرض، وربما تكون هناك حالات خاصة جداً يكون الصبر فيها على المرض خيراً من التداوي، كما لو كان الدواء عالي الخطورة مع ضعف الظن بحصول النفع منه وارتفاع تكلفته مما قد يؤدي إلى الغرم وضياع الأولاد، ومن ذلك تلك الحالات التي لا يرجى شفاؤها وتمتعها بحياة مستقرة، وقد يبقى المريض شهوراً طويلة يعتمد على المُنَفِّسة، مما يترتب عليه الضرر الواسع له ولأسرته. وفي كل هذه الحالات وغيرها يبقى للمسلمين فسحة ([32]) في ترك التداوي ويستدل هنا بما سبق مناقشته من ترك الصحابة للتداوي وغير ذلك مما استدل به على عدم وجوبه.
إنني وإن كنت مطمئناً للقول بوجوب التداوي، أعلم أن هذه المسألة خلافية ولن ينحسم الخلاف فيها -غالباً- لاختلاف السلف ([33]) ولكن ينبغي التنبيه على أن أكثر العلماء المعاصرين متفقون على كون التداوي واجباً في بعض الحالات وقد ذكرها الدكتور محمد البار في أحكام التداوي ([34]) ومنها حالتان الوجوب فيهما شديد ولذلك لا يلزم فيهما إذن المريض ([35]) وهما: 1- حالات الإسعاف التي تتعرض فيها حياة المصاب لخطر. 2-حالات الأمراض المعدية.
أما الحالة الأولى فدليلها قوله تعالى: ]وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[([36]), وقوله تعالى: ]وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا[([37]).
والحالة الثانية دليلها قوله r: ” لا ضَرر ولا ضِرار “([38]).
ثم ذكر حالتين يكون فيهما الوجوب أقل ولذلك يلزم فيهما أخذ إذن المريض:
- إذا كان المرض يؤدي إلى إعاقة دائمة أو زمانة إذا لم يتداو.
- مرض يطول ويشق على أهله بل والمجتمع تلبية حاجاته أثناء المرض.
ودليلهما قوله r: ” لا ضَرر ولا ضِرار “.
ولقد جاء التصريح بوجوب التداوي في هذه الحالات في أحد قرارات المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي حيث جاء فيه “وتختلف أحكام التداوي باختلاف الأحوال والأشخاص، فيكون واجباً على الشخص إذا كان تركه يفضي إلى تلف نفسه أو أحد أعضائه أو عجزه أو كان المرض ينتقل إلى غيره كالأمراض المعدية”([39]).
حكم الإقامة في البلاد غير الإسلامية للأطباء:
حكم الإقامة في هذه البلاد يدور بين حالتين: أن يكون المسلم قادراً على إظهار دينه أو لا يكون. والكلام عن الحالة الأولى، فإنه لا خلاف على وجوب الهجرة في الحالة الثانية. ولقد ذهب المالكية وابن حزم من الظاهرية إلى أنه لا تجوز إقامة المسلم في دار غير المسلمين سواء خشي الفتنة أم لم يخشها لقوله r ” أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين”([40]). والقول الثاني هو قول جمهور الفقهاء من الأحناف والحنابلة والشافعية الذين أباحوا الإقامة للقادر على إظهار دينه، بل ذهب البعض إلى استحبابها؛ قال ابن حجر نقلا عن الماوردي: “إذا قدر المسلم على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر فقد صارت للبلد به دار إسلام فالإقامة فيها أفضل من الرحلة منها لما يرتجى من دخول غيره في الإسلام”([41]), واستدلوا على قولهم بإقامة العباس t بمكة بعد إسلامه والنجاشي بالحبشة وكذلك استدلوا بحديث صالح بن فديك، قال: “جاء فديك فقال: يا رسول الله, إنهم يزعمون أن من لم يهاجر هلك. فقال: يا فديك أقم الصلاة وآت الزكاة, واهجر السوء واسكن من أرض قومك حيث شئت – قال: وأظن أنه قال: تكن مهاجرا “([42]), والجمهور على استحباب الهجرة إلى دار المسلمين وإن جوزوا البقاء في غيرها. ويتأكد هذا الاستحباب حتى يصل أحياناً إلى الوجوب إن خاف المرء على دين أولاده.
وهناك من المقيمين في الغرب من المسلمين من هم أصلاً من أهل تلك البلاد، فهم – وبعض المهاجرين كذلك – لا سبيل لهم للهجرة إلى بلاد المسلمين. والقول بوجوب هجرة الأقليات المسلمة إلى بلاد المسلمين يترتب عليه – إن نفذ – هجرة مائتي وعشرة مليون مسلم! ([43]).
أما كون الأطباء من أصحاب التخصصات التي يحتاج إليها المسلمون في بلادهم فصحيح، غير أنهم عند عودتهم لا يستطيعون ممارسة ما تعلموه بالغرب للعديد من الأسباب ([44])، ومنهم من لا يرحب بعودتهم. فلو افترضنا قيام دولة مسلمة ومناشدتها لبعض الأطباء أن يعودوا، لكان عليهم أن يسارعوا لخدمة بلادهم وأبناء دينهم.
أثر الحاجة على الأحكام في القطاع الطبي:
جاء في الموسوعة الفقهية: “الحاجة تطلق على الافتقار, وعلى ما يفتقر إليه. واصطلاحا هي – كما عرفها الشاطبي – ما يفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المصلحة, فإذا لم تراع دخل على المكلفين – على الجملة – الحرج والمشقة. ويعتبرها الأصوليون مرتبة من مراتب المصلحة, وهي وسط بين الضروري والتحسيني. والفقهاء كثيرا ما يستعملون الحاجة بالمعنى الأعم وهو ما يشمل الضرورة, ويطلقون الضرورة مرادا بها الحاجة التي هي أدنى من الضرورة “([45]).
و قال الزركشي – رحمه الله -: “الحاجة العامة ([46]) تنزل منزلة الضرورة الخاصة في حق آحاد الناس كررها إمام الحرمين في مواضع من البرهان وكذا في النهاية. فقال في باب الكتابة إن عقد الكتابة والجعالة والإجارة ونحوها جرت على حاجات تكاد تعم, والحاجة إذا عمت كانت كالضرورة فتغلب فيها الضرورة الحقيقية. منها… وكذلك الجعالة والقراض وغيرهما مما جوز للحاجة وكذلك إباحة النظر للعلاج ونحوه “([47]).
ومن أضبط ما قرأت عن مفهوم الحاجة ما ذكره الدكتور عبد الله بن بيه حيث قال: “وباختصار فإن الفرق بين الضرورة وبين الحاجة يتجلى في ثلاث مراتب: مرتبة المشقّة ومرتبة النهي ومرتبة الدليل.فإن الضرورة في المرتبة القصوى من المشقّة أو من الأهمية والحاجة في مرتبة متوسطة. والنهي الذي تختص الضرورة برفعه هو نهي قوي يقع في أعلى درجات النهي لأن مفسدته قوية أو لأنه يتضمن المفسدة فهو نهي المقاصد بينما تواجه الحاجة نهياً أدنى مرتبة من ذلك لأنه قد يكون نهي الوسائل. أما مرتبة الدليل فإن الدليل الذي ترفع حكمه الضرورة قد يكون نصاً صريحاً من كتاب أو سنّة أو سواهما. أما الدليل الذي تتطرق إليه الحاجة فهو في الغالب عموم ضعيف يخصص، أو قياس لا يطرد في محل الحاجة، أو قاعدة يستثنى منها “([48]).
و بتطبيق هذه المفاهيم، نجد أن المجال الطبي من أولى المجالات لتطبيق هذه القاعدة فيه وذلك للأسباب الآتية:
- كون المحرمات فيه أكثرها من نوع نهي الوسائل والأدلة على تحريمها ليست مما هو قطعي الدلالة والثبوت.
- كون المشقة المترتبة على ترك أكثر الحاجات فيه من نوع المشقة الوسطى وكثيراً ما ترقى لتكون مشقة كبرى، مما يجعل المصلحة عندئذ ضرورية وليست فقط حاجية.
- كون المرض من أسباب التخفيف، وكذلك عموم البلوى ([49]) وكلاهما واقع في القطاع الطبي، سيما الأمر الأخير فإنه كثير في بلاد الإسلام ناهيك عن غيرها.
وقد تقرر في الشرع بالإجماع رفع الحرج, فحيث وجد الحرج وجد التخفيف, ويستدل على تطبيق هذه القاعدة في المجال الطبي بأدلة كثيرة منها حديث عرفجة، أنه قطع أنفه يوم كلاب فاتخذ أنفاً من فضة فأنتن عليه فأمره النبي r أن يتخذ أنفاً من ذهب.
و قد استفاد فقهاؤنا من قاعدة “الحاجة تنزل منزلة الضرورة” في تجويز العمليات التجميلية الحاجية كعملية تفريج الأصابع الملتصقة وشد الأسنان بالذهب إذا كانت الحاجة داعية لذلك والتداوي بحقن الدم بل وإنشاء بنوك الدم إذا كانت الحاجة داعية إلى ذلك…الخ.
لذا فإن الحاجة في المجال الطبي إن كانت حقيقية غير متوهمة فإنها قد يكون لها الآثار الآتية:
- ترجيح قول ضعيف لأحد المعتبرين من الفقهاء، إذا لم يكن ضعفه شديداً ([50]).
- إباحة محظور تتوافر فيه الشروط الآتية:
ومن أمثلة ذلك، المداواة بالنجاسات.
- إسقاط واجب، كالجمعة والجماعات على جراح لم ينته من جراحته، أو مسعف لم تستقر حالة مريضه.
- تأخير، كتأخير الظهر أو المغرب عند الحاجة، كما يكون في حال الجراحين.
أثر المكان (الدار) على الأحكام:
لا شك أن تغير المكان وما يتبعه من تغير الواقع لا بد أن يؤثر على الفتوى الشرعية، وما إسقاط الحدود في دار الحرب إلا من هذا الباب، ومنه ما ذكره الإمام ابن تيمية – رحمه الله – من عدم مخالفة الكفار في الهدي الظاهر في دارهم، قال – رحمه الله -: “ومثل ذلك اليوم: لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما عليه من الضرر. بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والإطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة”([53]).
و لكن هل لاختلاف المكان أثر على الأحكام الشرعية، بالذات في باب المعاملات؟
للعلماء في هذه المسألة مذهبان:
مذهب الجمهور وهو أن المكان لا تأثير له في أحكام التكليف. وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد في الصحيح من مذهبيهما.
أما المذهب الثاني فيرى تأثير المكان في الأحكام. فبعض المعاملات التي تحرم في بلاد المسلمين تجوز في ديار غير المسلمين. وهذا مذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن وسفيان الثوري وإبراهيم النخعي وهو رواية عن أحمد وقول عبد الملك بن حبيب من المالكية.
و الصواب – دون إطالة – ما ذهب إليه الجمهور، فالمسلم مطالب بالتكاليف الشرعية من غير تخصيص زمان دون زمان ولا مكان دون مكان. ولكن الفتوى ينبغي أن تراعي الواقع الذي يعيشه المسلمون ومقدار المشقة التي يتعرضون لها. فعلى سبيل المثال، لا تستوي مشقة ارتداء النقاب أو ستر الوجه في الرياض وواشنطن، ولا يتيسر للطبيب المسلم في ألمانيا ما قد يتيسر له من البدائل في الحجاز. ومن ثم فإن المفتي قد يختار القول الضعيف – في نظره – إذا كان لأحد المعتبرين من الفقهاء ولم يكن شديد الضعف وكانت تندفع به مشقة عن العباد.
ثانياً: المسائل
- الاختلاط غير المنضبط ([54]) وتوابعه:
هذا البلاء قد عم أكثر نواحي الحياة، ولا يكاد الإنسان يخرج من بيته حتى يتعرض لهذه الفتن، ولكن هل يترك الصالحون التعلم بالجامعات والعمل بشتى المهن هروباً من هذه الفتن؟
والجواب: إن ذلك لا ينبغي فإن الحرج ([55]) في شريعتنا مرفوع سيما إن كان عاماً ([56]) مثل حالتنا هذه.
و يجدر هنا أن نذكر كلاماً للإمام الشاطبي يمس عين قضيتنا هذه وكأنه ينظر إلى أهل زماننا، قال – رحمه الله -: ” الأمور الضرورية أو غيرها من الحاجية أو التكميلية إذا اكتنفها من خارج أمور لا تُرْضَى شرعاً فإن الإقدام على جلب المصالح صحيح على شرط التحفظ بحسب الاستطاعة من غير حرج، كالنكاح الذي يلزمه طلب قوت العيال مع ضيق طرق الحلال واتساع أوجه الحرام والشبهات، وكثيراً ما يلجأ إلى الدخول في الاكتساب لهم بما لا يجوز، ولكنه غير مانع لما يؤول إليه التحرز من المفسدة المربية على توقع مفسدة التعرض؛ ولو اعتبر مثل هذا في النكاح في مثل زماننا لأدى إلى إبطال أصله، وذلك غير صحيح. وكذلك طلب العلم إذا كان في طريقه مناكر يسمعها ويراها، وشهود الجنائز وإقامة وظائف شرعية إذا لم يقدر على إقامتها إلا بمشاهدة ما لا يرتضى، فلا يخرج هذا العارض تلك الأمور عن أصولها، لأنها أصول الدين وقواعد المصالح وهو المفهوم من مقاصد الشارع”([57]).
من أجل ذلك فإن جمهور علماء العصر المعتبرين لا يحرمون طلب العلم في الجامعات المختلطة ولا العمل في المستشفيات المختلطة – إن لم يتيسر غيرها – مع التحرز قدر المستطاع من الفتن.
و لكن هناك من توابع الاختلاط ما يحتاج إلى نظر، كالخلوة.
الخلوة
الخلوة بالأجنبية محرمة اتفاقاً – على خلاف فيما تتحقق وما تندفع به ([58]) – وذلك لقوله r: ” ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان”([59]).
و الحق أن الأطباء العاملين بالغرب يواجهون هذه القضية بصفة يومية، فإن طبيب الأطفال مثلاً قد يخلو بأم الرضيع – الذي لا أثر لوجوده على حكم الخلوة – ولا سبيل لأن يطلب مرافقة إحدى العاملات أو أحد العاملين له كلما فحص طفلاً، وكذلك فإن السرية – وهي من أساسيات العمل الطبي في الغرب – تقتضي إغلاق الباب عند أخذ التاريخ المرضي والفحص.
و لكن الطبيب في هذه الحالة لا يأمن أن يفتح أحد العاملين الباب؛ وفي الفروع لابن مفلح – رحمه الله – عن الإمام أحمد – رحمه الله -: ” وقد سأله المَرّوذِي عن الكحال يخلو بالمرأة وقد انصرف من عنده: هل هي منهي عنها ؟ قال: أليس هي على ظهر الطريق ؟ قيل: نعم، قال: إنما الخلوة في البيوت “([60]).
و هذا الكلام من الإمام أحمد – رحمه الله – قد يكون مفيداً في حالتنا إذا كان المقصود من كون الكحال على ظهر الطريق كثرة الداخل إلى دكانه والخارج منه، أما إن كان لا دكان له بل يعالج الناس في الطريق حقاً فإن استعمال المروذي – رحمه الله – للفظ الخلوة إذاً كان فيه تجوز ولعله إذاً أراد خلوة الحديث.
و في درر الحكام: “الخلوة… المراد بها اجتماعهما بحيث لا يكون معهما عاقل في مكان لا يطلع عليهما أحد بغير إذنهما أو لا يطلع عليهما أحد لظلمة “([61]), والواضح من التعريف أن عدم أمن دخول عاقل جزء من ماهية الخلوة الشرعية.
و إن أكثر ما يكون من خلوة في المجال الطبي لا يؤمن معه دخول أحد العاملين بالفريق الطبي، ولذلك فإن حصول الوطء – وهو المخوف عند الخلوة – أمر ممتنع طبعاً وعرفاً. وقد اشترط الأحناف لصحة الخلوة صلاحية المكان، وقال ابن عابدين – رحمه الله – “وصلاحيته بأن يأمنا فيه اطلاع غيرهما عليهما كالدار والبيت ولو لم يكن له سقف وكذا المحل الذي عليه قبة مضروبة والبستان الذي له باب مغلق بخلاف ما ليس له باب وإن لم يكن هناك أحد ولو كانا في مخزن من خان يسكنه الناس فرد الباب ولم يغلق والناس قعود في وسطه غير مترصدين لنظرهما صحت وإن كانوا مترصدين فلا.” وهذا أقرب إلى حال الطبيب مع المرضى فالباب لا يوصد ويبقى دخول أحد العاملين متوقعًا. ثم قال في عدم صلاحية المسجد لحصول الخلوة: “لأن المسجد مجمع الناس فلا يأمن الدخول عليه ساعة فساعة…” ([62])
- مداواة الرجال للنساء والعكس:
الفحص الطبي جائز باتفاق من المرأة للرجل عند الحاجة أو الضرورة – لما جاء من الأحاديث في مداواة النساء على عهده r للرجال.
عن أم عطية الأنصارية قالت: ” غزوت مع رسول الله r سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى “([63]).
إنه لا سبيل إلى القول بأن مداواة النساء للرجال على عهده r كانت من سبيل الضرورات، فإنه كان هناك من الرجال من يمكنه القيام بهذا الدور، ولم يكن الرجال من أهل المدينة يخرجون عن بكرة أبيهم للقتال. ومن ثم فإن ذلك كان من قبيل الحاجات.
وكذلك تجوز مداواة الرجل للمرأة – للحاجة أو الضرورة – مع مراعاة الترتيب الآتي كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي:
” إذا توافرت طبيبة متخصصة فيجب أن تقوم بالكشف على المريضة، وإذا لم يتوافر ذلك فتقوم بذلك طبيبة غير مسلمة ثقة، فإذا لم يتوافر ذلك يقوم به طبيب مسلم يمكن أن يقوم مقامه طبيب غير مسلم، على أن يطلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته، وألا يزيد عن ذلك، وأن يغض الطرف قدر استطاعته، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه بحضور محرم أو زوج أو امرأة ثقة خشية الخلوة “([64]).
و الذي يظهر أن هذا الترتيب يجري أيضاً على مداواة المرأة للرجل وجاء في الموسوعة الفقهية: ” ويجوز للطبيبة أن تنظر وتمس من المريض ما تدعو الحاجة الملجئة إلى نظره وحسه إن لم يوجد طبيب يقوم بمداواة المريض “([65]).
و إذ استقر أن مداواة الرجال للنساء والعكس من قبيل الحاجات، فإن هذا الترتيب يمكن أن يخالف إذا كان الطبيب المؤخر في الترتيب هو/هي الأمهر، أو كان المقدم يتقاضى فوق أجر المثل ([66]).
إن الطبيب المسلم لا يستطيع ولا يجب عليه أن يأمر الناس باتباع هذا الترتيب، فهذا الأمر موكول لهم.
و هل ينسحب هذا الحكم على كل العاملين في الحقل الطبي أم يختص بالأطباء؟ الصحيح أنه لا يختص بهم، وما كانت مداواة النساء للرجال في عهده r إلا من نوع التمريض.
- حضور اللقاءات والمؤتمرات التي يشرب فيها الخمر:
الأصل أن المسلم لا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر، كما ورد في الحديث الصحيح النهي عن ذلك ([67]), وكذلك عليه أن يتجنب مواطن العطب التي تشرب فيها الخمور.
لكن هذا الحظر من نوع النهي عن الوسائل الذي تجيزه الحاجة ([68])، والحاجة هنا في حضور هذه اللقاءات للتعلم أو تقديم البحوث التي يترقى بها الطبيب المسلم في مهنته، على أن يجتنب المسلم الجلوس على موائد الخمر، وكذلك يجتنب ما لا تدعو إليه حاجة التعلم أو تقديم البحوث من الحفلات.
- فوات الجماعات والجمع وتأخير الصلوات:
قد يتعرض الجراح في عمله أو المسعف إلى حالات يضطر معها إلى تفويت الجمعة أو الجماعة – وقد يعتقد بوجوبها – بل وإلى تأخير الصلاة عن وقتها.
و الواجب على الطبيب المسلم أن يحتاط لصلاته بكل وسيلة وألا يعرض نفسه إلى شيء من هذه المواقف ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وذلك بأن يتجنب بقدر الإمكان العمل يوم الجمعة وأن يبدأ عملياته – بقدر الاستطاعة – في أوقات لا تضطره إلى تأخير الصلاة عن وقتها.
و مع ذلك قد يضطر الطبيب إلى شيء من ذلك، فقد يكون نوبتجياً ويدعى إلى عملية عاجلة قبيل صلاة الجمعة، أو تطول العملية فوق الوقت المتوقع لها حتى تخرج الصلاة عن وقتها.
أما بالنسبة لفوات الجمعة والجماعات، فإن في مثل هذه الضرورات عذراً عن حضورها.
و بالنسبة لتأخير الصلاة، فإن كانت مما يجمع، فلعله أن يكون في ذلك مخرج للطبيب فيجمعها مع التي تليها وقد جمع رسول الله r في المدينة من غير مطر.
و أما إذا لم تكن مما يجمع، فإن الضرورة هنا تقدر بقدرها، فلو لم يكن للطبيب من سبيل إلى أداء الصلاة على هيئتها المعروفة فليصلها على حاله وإن لم يكن متوجهاً إلى القبلة أو قادراً على الركوع والسجود.
- حلق اللحى للجراحين:
وجوب إطلاق اللحى للرجال هو الصواب – وإن اختلف فيه المعاصرون – وذلك لأمره r: ” وفروا اللحى وأحفوا الشوارب”([69]).
ولكن الجراحين يطلب منهم الحلق أو التقصير في كثير من المستشفيات لدواعي التعقيم. وهذا الطلب وإن ساغ بالتقصير، فلا يخفى أنه فيه تعنت زائد إذا كان بالحلق. والطبيب المسلم الذي يرى وجوب إطلاق اللحى قد يأخذ بالقول المرجوح عند الشافعية([70]) بأن حلقها مكروه لا حرام، وذلك للحاجة إن لم يتيسر له العمل بمكان لا يطلب فيه ذلك أو بمكان يشترط فيه الحلق دون التقصير، وإلا حرم الكثير من المسلمين من هذه التخصصات المهمة.
- المداواة المحرمة أو بالمحرمات:
وقبل أن نشرع في بيان ذلك نذكر خلاصة قول الفقهاء في الباب نقلاً عن الموسوعة الفقهية حيث جاء فيها: ” التداوي بالنجس والمحرم: اتفق الفقهاء على عدم جواز التداوي بالمحرم والنجس من حيث الجملة لقول النبي r: “إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم”([71]), ولقوله r: “إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتَدَاوَوْا، ولا تَتَداوَوْا بالحرام”([72]), وعن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى خالد بن الوليد “إنه بلغني أنك تدلك بالخمر، وإن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنها، وقد حرم مس الخمر كما حرم شربها، فلا تمسوها أجسادكم فإنها نجس”([73]). وقد عمم المالكية هذا الحكم في كل نجس ومحرم، سواء أكان خمراً، أم ميتة، أم أي شيء حرمه الله تعالى وسواء كان التداوي به عن طريق الشرب أو طلاء الجسد به، وسواء كان صرفاً أو مخلوطاً مع دواء جائز، واستثنوا من ذلك حالة واحدة أجازوا التداوي بهما، وهي أن يكون التداوي بالطلاء، ويخاف بتركه الموت، سواء كان الطلاء نجساً أو محرماً، صرفأً أو مختلطاً بدواء جائز. وأضاف الحنابلة إلى المحرم والنجس كل مستخبث، كبول مأكول اللحم أو غيره، إلا أبوال الإبل فيجوز التداوي بها، وذكر غير واحد من الحنابلة أن الدواء المسموم إن غلبت منه السلامة، ورجي نفعه، أبيح شربه لدفع ما هو أعظم منه، كغيره من الأدوية؛ كما أنه يجوز عندهم التداوي بالمحرم والنجس، بغير أكل وشرب؛ وذهب الحنابلة أيضاً إلى حرمة التداوي بصوت ملهاة، كسماع الغناء المحرم، لعموم قوله r:”ولا تتداووا بالحرام”. وشرط الحنفية لجواز التداوي بالنجس والمحرم أن يعلم أن فيه شفاء، ولا يجد دواء غيره، قالوا:…ومعنى قول ابن مسعود – رضي الله عنه -:”لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم” يحتمل أن يكون قاله في داء عرف له دواء غير المحرم، لأنه حينئذ يستغني بالحلال عن الحرام، ويجوز أن يقال تنكشف الحرمة عند الحاجة، فلا يكون الشفاء بالحرام، وإنما يكون بالحلال. وقصر الشافعية الحكم على النجس والمحرم الصرف، فلا يجوز التداوي بهما، أما إذا كانا مستهلكين مع دواء آخر، فيجوز التداوي بهما بشرطين: أن يكون عارفاً بالطب، حتى ولو كان فاسقاً في نفسه، أو إخبار طبيب مسلم عدل، وأن يتعين هذا الدواء فلا يغني عنه طاهر. وإذا كان التداوي بالنجس والمحرم لتعجيل الشفاء به، فقد ذهب الشافعية إلى جوازه بالشروط المذكورة عندهم، وللحنفية فيه قولان”([74]).
و الذي يظهر هو أن الأصل في التداوي بالحرام الحرمة، وذلك لقوله r ” ولا تتداووا بحرام ” ولا يحل إلا عند الضرورة أو الحاجة الماسة كما تحل أنواع المحرمات الأخرى.
و الطبيب يقدر مدى الحاجة إلى الدواء، فإن غلب على ظنه حصول النفع من دواء معين، وليس له بديل، فإن الحرج يرتفع عندئذ وفاقاً للأحناف وكذلك الشافعية فإنه لا يعرف في الطب الحديث دواء من المحرمات أو النجاسات الصرفة، وإنما تكون النجاسة جزءًا من الدواء – الذي لا يظهر فيه في الغالب أثر هذه النجاسة – وقد تكون النجاسة قد استحالت ([75]) أو لا تكون.
أما قول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – أن التداوي لا يكون من الضرورات([76])، فلا يخفى أنه وإن ناسب عصره فلا يناسب عصرنا، فإن المداواة في أزمنتنا هذه تقوم على أسس ومعايير منضبطة، حتى يكاد الطبيب في أحوال كثيرة يقطع بأن هذا الدواء ينفع – بإذن الله – من هذا الداء كما تحرق النار الخشب ويقطع السكين اللحم.
و هذا الذي ذكرت لا ينطبق على الخمر ([77]) الصرفة بحال فإنها -كما قال رسول الله r – داء وليست بدواء ([78]).
و الطبيب المسلم في الغرب يستطيع أن يتصرف داخل حدود الشريعة فيما سبق، ولكن قد يقع الحرج في حالات أخرى كعمليات التجميل، فإنه حتى يتعلم ما يحل منها فإنه يُلزم بعمل ما لا يحل، فإن ذهبنا إلى منع المسلمين من هذا التخصص، وقعنا في شيء من الحرج. كذلك فإن من لم يتخصص من الأطباء في هذه العمليات فإنه يساعد فيها ويعين عليها لكونه من الفريق الطبي، سواء كان طبيب تخدير أو أمراض باطنية أو غيرها.
و السؤال الآن هو إذا ما كان الأخذ بقول الأحناف وغيرهم المرجوح بتجويز العقود الفاسدة في خارج ديار الإسلام مما يمكن أن يستعان به في مثل هذه المعاملات؟
- إجراء التجارب على الحيوان والإنسان والتشريح:
- التشريح.
وأبدأ بالتعريف ([79]):
أولاً: التشريح في اللغة: مصدر من شرّح بتشديد الراء وله معانٍ منها: الكشف والإبانة والتفسير والقطع – ومنه تشريح اللحم – وترقيق اللحم.
ثانياً: التشريح في الاصطلاح ( Anatomy ):
علم تعرف به أعضاء الإنسان بأعيانها وأشكالها وأقدارها وأعدادها وأصنافها وأوضاعها ومنافعها. ويتم ذلك بتقطيع جثة الميت.
و لقد صار علم التشريح من أساسيات تعلم الطب في زماننا ولا مخرج لطالب الطب من تعلمه نظرياً وعملياً، وقد يجد البعض حرجاً فيه لما تقرر في شريعتنا الغراء من حرمة أجساد الموتى.
وحتى لا يكون ذلك صارفاً للصالحين عن تعلم الطب رأيت أن أعرض خلاصة أقوال الفقهاء في هذا الأمر:
لقد ذهب إلى المنع من ذلك بعض العلماء ومنهم الشيخ محمد نجيب المطيعي مفتي الديار المصرية سابقاً ([80]). وذهب إلى الجواز الجمهور من أهل العلم وقررت الجواز المجامع الفقهية والهيئات العلمية ومنها: لجنة الفتوى بالأزهر ([81])وهيئة كبار العلماء بالسعودية ([82]) ومجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة ([83]).
ولعل من أقوى ما استدل به المانع قوله r: ” كسر عظم الميت ككسره حياً “([84]).
واستدلوا بأن التشريح من شأنه أن يؤذي أقارب الميت الأحياء كذلك، وهو وجيه
فإن الرسول r قال:”لا تسُبّوا الأموات فتؤذوا الأحياء”([85]).
أما المبيحون فقد استدلوا بالمتقرر في القواعد الفقهية من أن الضرورات تبيح المحظورات. ثم إن تشريح الميت للتعليم ليس كالتمثيل به للعبث ([86]).
ونحن هنا أمام مفسدتين: الأولى: ترك علم التشريح بما يعنيه ذلك من تخلف في علوم الطب المؤسسة على علم التشريح سيما الجراحة الطبية، وهذا بدوره يؤدي إلى فساد في الأنفس والأبدان فإنه لا يخفى ما حققه التقدم في علم الجراحة من نفع للبشرية وإنقاذ لأرواح كثير من المرضى بإذن الله تعالى.
والمفسدة الثانية هي: تشريح جثث الموتى بما فيه من انتهاك حرمتهم وإيذاء أهلهم، ولقد رأى المبيحون أن هذه المفسدة دون المفسدة الأولى.
والذي يترجح هو قول الجمهور؛ وذلك لأن الشريعة مبنية على جلب المصالح ودفع المفاسد، قال العز بن عبد السلام – رحمه الله -: ” إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما، وإذا تعارضت مفسدتان ارتُكِب أخفهما تفادياً لأشدهما”([87]).
ومن أجل ذلك أباح الجمهور شق بطن الميتة لاستخراج الجنين الذي يغلب على الظن أنه حي ([88]).
- تجريب الدواء على الإنسان والحيوان
هذه المسألة مما وصلني استفسار بشأنها وإن كانت – كسابقتها – من المسائل المشتركة بين الأطباء في بلاد الإسلام وخارجها.
والحاجة إلى تجريب هذه الأدوية مبيحة لهذا الفعل. أما في الحيوان فإن ذبحه جاز لمصلحة الإنسان، وقد ضحى رسول الله r بكبشين خصيين، وفي الخصاء من الألم ما لا يخفى، ولكنه جاز لمصلحة الإنسان.
والمتبع في الغرب عدم تجريب الدواء على الإنسان إلا بعد استيفاء شروط صارمة، منها تجريبه لفترات طويلة على الحيوان. من أجل ذلك، فلا تعارض بين ما يصنعون بهذا الصدد وشريعة العدل والحق.
المراجع
- السنة وشروحها
- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الثانية، 1405 ﻫ
- السلسلة الصحيحة للألباني، نقلاً من موقع الدرر على الشبكة
- السلسلة الضعيفة للألباني، نقلاً من موقع الدرر على الشبكة
- المعجم الكبير
سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، بتحقيق حمدي بن عبدالمجيد السلفي، مكتبة الزهراء، الموصل، الثانية- 1404 – 1983.
- سنن ابن ماجه
محمد بن يزيد أبو عبدالله القزويني، بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت
- سنن ابن ماجه (بتحقيق مشهور)
محمد بن يزيد أبو عبدالله القزويني، بتحقيق مشهور بن حسن آل سلمان وحكم الألباني على درجة الحديث، مكتبة المعارف، الرياض، الأولى
- سنن أبي داود
سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، بيروت
- سنن أبي داود (بتحقيق مشهور)
سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، بتحقيق مشهور بن حسن آل سلمان وحكم الألباني على درجة الحديث، مكتبة المعارف، الرياض، الأولى
- سنن البيهقي (السنن الكبرى)
أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي، بتحقيق محمد عبد القادر عطا، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1414
- سنن الترمذي
محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، بتحقيق أحمد محمد شاكر وآخرين، دار إحياء التراث العربي، بيروت
- سنن الترمذي (بتحقيق مشهور)
محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، بتحقيق مشهور بن حسن آل سلمان وحكم الألباني على درجة الحديث، مكتبة المعارف، الرياض، الأولى
- صحيح البخاري (الجامع الصحيح)
محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، بتحقيق مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير , اليمامة، بيروت، الثالثة، 1407
- صحيح الجامع
محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الثالثة، 1408
- صحيح مسلم
مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت
- مسند أحمد
أحمد بن حنبل أبو عبدالله الشيباني، مؤسسة قرطبة، مصر
- مصنف ابن أبي شيبة
أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي، بتحقيق كمال يوسف الحوت، مكتبة الرشد، الرياض، الأولى، 1409
- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري أبو العلا، دار الكتب العلمية، بيروت
- شرح صحيح مسلم
أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الثانية، 1392
- عون المعبود شرح سنن أبي داود
محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب، دار الكتب العلمية، بيروت، الثانية، 1415
- فتح الباري شرح صحيح البخاري
أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، بتحقيق محمد فؤاد عبدالباقي , محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت، 1379
- الفقه الحنفي
- رد المحتار على الدر المختار
محمد أمين بن عمر (ابن عابدين)، دار الكتب العلمية، بيروت
- فتح القدير
كمال الدين بن عبد الواحد (ابن الهمام)، دار الفكر
- الهداية شرح البداية
علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغياني أبو الحسين، المكتبة الإسلامية
- الفقه المالكي
- التاج والإكليل لمختصر خليل
محمد بن يوسف العبدري، دار الفكر
- الفقه الشافغي
- التجريد لنفع العبيد ( حاشية البجيرمي على المنهاج)
سليمان بن محمد البجيرمي، دار الفكر العربي
- تحفة المحتاج في شرح المنهاج
أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي، دار إحياء التراث العربي
- روضة الطالبين
يحيى بن شرف النووي، دار الكتب العلمية، بيروت
- مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج
محمد بن أحمد الشربيني، دار الكتب العلمية، بيروت
- نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج
محمد بن شهاب الدين الرملي، دار الفكر
- الفقه الحنبلي
- الإنصاف
علي بن سليمان بن أحمد المرداوي، دار إحياء التراث العربي
- الفروع
محمد بن مفلح بن محمد المقدسي، عالم الكتب
- المجموع
يحيى بن شرف النووي، مطبعة المنيرية
- المحلى
علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، دار الفكر
- المغني
موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة، دار إحياء التراث العربي
- الموسوعة الفقهية
وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت، وزارة الأوقاف الكويتية
- فقه الطب
- أحكام التداوي
محمد علي البار، دار المنارة، جدة، الأولى
- قرارات المجامع
- مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي
القرار السادس في الدورة الحادية عشرة بمكة المكرمة عام 1409 هـ، بشأن تجويز عمل الجراحة لإزالة الاشتباه في الخنثى لتصبح سوية كبقية النساء
قرار في دورته العاشرة 24-28 / صفر 1408، بشأن تحريم رياضة الملاكمة
مشروع قرار في الدورة العاشرة بمكة المكرمة، صفر / 1408 هـ، بشأن حكم التشريح
- مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي
قرار رقم 85/12/د8 في دورة مؤتمره الثامن، بندر سري بجاون بروناي، دار السلام، من 1-7 محرم 1414 هـ، بشأن أحكام مداواة النساء للرجال والعكس
قرار رقم 69/5/7 في دورة المؤتمر السابع بجدة من 7-12 ذو القعدة، بشأن أحكام الإذن الطبي
- أصول فقه وقواعد
- الأشباه والنظائر
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت
- الأشباه والنظائر
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي، عيسى الحلبي، القاهرة
- أصول الفقه
محمد الخضري، دار الحديث، القاهرة
- إعلام الموقعين
محمد بن أبي بكر الزرعي (ابن القيم)، دار الكتب العلمية، بيروت
- رفع الحرج في الشريعة الإسلامية
يعقوب عبد الوهاب الباحسين، أصل الكتاب رسالة دكتوراة، دار النشر الدولي، الثانية
- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية
محمد بن أبي بكر الزرعي (ابن القيم)، مكتبة دار البيان
- قواعد الأحكام في مصالح الأنام
عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، دار الكتب العلمية، بيروت
- قواعد الأحكام في مصالح الأنام
عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، مؤسسة الريان، القاهرة.
- المستصفى
محمد بن محمد الغزالي، دار الكتب العلمية، بيروت
- المنثور في القواعد الفقهية
بدر الدين بن محمد بهادر الزركشي، وزارة الأوقاف الكويتية
- المواففات
إبراهيم بن موسى اللخمي ( الشاطبي)، بتحقيق عبد الله دراز، دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى
- الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية
محمد صدقي بن أحمد بن محمد البورنو، مؤسسة الرسالة، بيروت، الرابعة
- متفرقات
- اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، لابن تيمية،
- غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
محمد بن أحمد بن سالم السفاريني، مؤسسة قرطبة
- سير
- تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملوك)
محمد بن جرير الطبري أبو جعفر، دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى
مجلة الأزهر، المجلد السادس، الجزء الأول
- مواقع على الشبكة المعلوماتية
- موقع الدرر السنية
www.dorar.net
- موقع الإسلام اليوم
www.islamtoday.net
([1]) المستصفى: للغزالي 1 / 174. وذكرها على الترتيب المذكور أعلاه.
([2]) روضة الطالبين: للنووي 1/223.
([3]) الطب من الكتاب والسنة: للبغدادي ص 187.
([4]) الأشباه والنظائر: لابن الوكيل 1/112.
([5]) سنن أبي داود: كتاب الترجل، باب في الخضاب، 4/86 برقم 4207. وصححه الألباني. (انظر سنن أبي داود بتحقيق مشهور برقم 4207 وكذلك صحيح الجامع 1252). وانظر عون المعبود 11/175.
([6]) مجموع الفتاوى: للإمام ابن تيمية 37 / 471.
([7]) البخاري: كتاب المرضى، فضل من يصرع، 2140/5.
([8]) الفتاوى: للإمام ابن تيمية 265/4.
([9]) من أمثلة ذلك بعض الأمراض الخمجية في استجابتها للمضادات الحيوية وكذلك استجابة الربو الصدري لموسعات الشعب. ولكل قاعدة شواذ ولكن لا عبرة بالنادر.
([10]) المعجم الكبير ج 12 ص 169
صحيح الجامع: 3416.
([11]) البخاري: كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، ج 5 ص 2157.
([12]) مسلم: كتاب السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، ج4 ص1724 رقم 2194.
([13]) رقاه جبريل عليه السلام. (انظر فتح الباري 11/408).
([14]) مسلم: كتاب السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، ج4 ص1726 رقم 2199.
([15]) مسلم: كتاب السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، ج4 ص1726 رقم 2199.
([16]) قال ابن القيم في الطرق الحكمية:341/1 “وإذا احتملت القصة هذا وهذا لم يجزم بوقوع أحد الاحتمالات إلا بدليل”.
([17]) ولقد ذكر موفق الدين البغدادي هذا الحديث وترجم له باجتناب من لا يحسن الطب (الطب من الكتاب والسنة:189).
([19]) الترمذي: كتاب الطب، باب ما جاء في الدواء والحث عليه، 2038, وقال حسن صحيح.
([20]) البخاري: كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، ج: 5 ص: 2151.
([21]) البخاري: كتاب الطب، باب الدواء بالعسل وقول الله تعالى فيه شفاء للناس، ج: 5 ص: 2152.
([22]) البخاري: كتاب الطب، باب الدواء بأبوال الإبل، ج: 5 ص: 2153.
([23]) البخاري: كتاب الطب، باب الحبة السوداء، ج: 5 ص: 2153.
([24]) التلبينة: حساء يتخذ من نخالة الشعير, البخاري: كناب الطب، باب التلبينة للمريض، ج: 5 ص: 2154.
([25]) البخاري: كتاب الطب، باب السعوط بالقسط الهندي والبحري وهو الكست مثل الكافور والقافور مثل كشطت وقشطت نزعت وقرأ عبد الله قشطت، ج: 5 ص: 2155.
([26]) البخاري: كتاب الطب، باب الحجامة من الداء، ج: 5 ص: 2156.
([27]) مسلم: كتاب السلام، باب لكل داء دواء واستحباب التداوي، ج4 ص 1730 رقم 2207.
([28]) البخاري: كتاب الطب، باب الحجامة من الداء، ج: 5 ص: 2156 رقم 5371.
([29]) الترمذي: كتاب الطب، باب ما جاء في التداوي بالحناء ج: 4 ص: 392 رقم 2054 وقال حسن غريب.
([30]) حديث شريف وأيضاً قاعدة فقهية كلية: رواه ابن ماجة: ج 2 ص 784 برقم 2340. وصححه الألباني (انظر سنن ابن ماجه بتحقيق مشهور برقم 2340).
([31]) مسلم: كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله، ج 4 ص 2052 رقم 2664
([32]) بخلاف أهل أديان أخرى كبعض مذاهب النصارى ممن يتعنتون بهذا الصدد تعنتاً شديداً يوقع المرضى وأسرهم بل والمجتمع في الحرج.
([33]) أرى أن اختلافهم نابع في أكثره من اختلاف المحكوم عليه لما سبق بيانه من الفرق بين الدواء في زمانهم وما هو عليه الآن، والله أعلم.
([34]) مختصراً من أحكام التداوي: 18 – 22.
([35]) قرار المجمع الفقهي (المنظمة) باستثناء الإذن في هاتين الحالتين ( دورة المؤتمر السابع بجدة من 7-12 ذو القعدة رقم 69/5/7).
([38]) حديث شريف وأيضاً قاعدة فقهية كلية: رواه ابن ماجة: ج 2 ص 784 برقم 2340. وصححه الألباني (انظر سنن ابن ماجه بتحقيق مشهور برقم 2340).
([39]) قرار المجمع الفقهي (المنظمة) رقم 69/ 5/7.
([40]) رواه أبو داود من حديث جرير بن عبد الله البجلي، ورجح العراقي إرساله في تخريج الإحياء 2/210 وصححه الألباني في الإرواء 5/30.
([42]) رواه ابن حبان وضعفه الألباني في الضعيفة برقم 6300، وأعله بالإرسال الذهبي في المهذب 7/3520.
([43]) مجلة الأزهر، مجلد 5 لسنة 1990، ص 558.و انظر البلدان الإسلامية والأقليات الإسلامية لمحمود شاكر وآخرين، وزارة التعليم العالي، الرياض، 1979، ص 7.
([44]) منها: اختلاف نظم التطبيب وكون المتدربين بالغرب يعتمدون على تقنية قد لا تتوفر في بلادهم، بالإضافة إلى المصاعب المالية وعدم القدرة على التعامل مع أنظمة المستشفيات التي تتفشى فيها مشاكل التسلط والمحسوبية والرشوة بل والسرقة أحياناً. ذلك بالإضافة إلى ما قد يعانون منه إذا كانت لهم ملفات أمنية.
([45]) الموسوعة الفقهية 16/248.
([46]) وقد رجح ابن نجيم أنها تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة (انظر غمز عيون البصائر، شرح الأشباه والنظائر للحموي، ص294).
([47]) المنثور في القواعد الفقهية 2/24-25.
([48]) من مقالات له بعنوان “صناعة الفتوى وفقه الأقليات” على موقع الإسلام اليوم.
([49]) انظر قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 192-195.
([50]) انظر الأشباه والنظائر، للسيوطي (172).
([51]) انظر إعلام الموقعين 2/117.
([52]) فإن المشقة التي تقترب من تلك التي لا ينفك عنها التكليف غالباً لا أثر لها وإن كانت فوق مشقة التكليف غالباً كحمى خفيفة (انظر قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 192-195).
([53]) اقتضاء الصراط المستقيم 176- 177
([54]) وهو الذي يكون فيه خلوة بالأجنبية أو نظر بشهوة إليها أو تبذل المرأة أو عبث وملامسة للأبدان.
([55]) الحرج هو: ” ما أوقع على العبد مشقة زائدة عن المعتاد على بدنه أو على نفسه أو عليهما معاً حالاً أو مآلاً غير معارض بما هو أشد منه أو بما يتعلق به حق للغير مساو له أو أكثر منه “. من رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، للدكتور يعقوب الباحسين، ص 38.
([56]) انظر المواففات: 2/121. وكذلك فإن الحاجة – سيما إن كانت عامة – تنزل منزلة الضرورة. انظر الأشباه والنظائر للسيوطي ص 88؛ والوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية، للبورنو، ص 242.
([57]) الموافقات: للشاطبي 4/152
([58]) الراجح عند الشافعية أن الخلوة تنتفي بوجود امرأة ثقة أخرى وعند الحنابلة الخلوة لا تنتفي بوجود امرأة أو أكثر مع الطبيب والمريضة كما لا تنتفي بوجود أكثر من رجل مع الطبيب إلا إذا كان الرجل أحد محارمها.
([59]) الترمذي 2091 وهو في الصحيحين دون قوله “إلا كان ثالثهما الشيطان “.
([60]) الفروع لابن مفلح: 5/154
([61]) درر الحكام شرح غرر الأحكام لخسرو، 1/344.
([62]) حاشية ابن عابدين ج 3 ص 116
([63]) مسلم:كتاب الجهاد والسير، باب النساء الغازيات يرضخ لهن… جـ 3 ص 1447 برقم 1812.
([64]) قرار رقم 85/12/د8 الصادر عن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن، بندر سري بجاون بروناي، دار السلام، من 1-7 محرم 1414 هـ.
([65]) الموسوعة الفقهية: 37/286. وانظر غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب 2/21 والتجريد لنفع العبيد 3/328.
([66]) انظر: مغني المحتاج 3/133 والهداية والعناية 8/99 ورد المحتار 5/337.
([67]) انظر مسند أحمد (14124)، وجامع الترمذي (2801).
([68]) انظر إعلام الموقعين 2/117.
([70]) وهو قول القاضي عياض؛ نقله عنه النووي في شرحه على صحيح مسلم حديث 383.
([71]) سنن البيهقي الكبرى: جماع أبواب كسب الحجام، باب ما يحل من الأدوية النجسة، ج 10 ص 5.
([72]) سنن أبي داود: كتاب الطب، باب في الأدوية المكروهة، ج 4 ص 7 برقم 3874.
([75]) على خلاف بين الفقهاء على طهارة النجاسات بالاستحالة، وكذلك يختلف المتخصصون في أي النجاسات استحال.
([76]) مجموع الفتاوى: لابن تيمية 37 / 471.
([77]) الخمر: هي ما أسكر كثيره، ولذا فإن الأدوية المخلوطة بشيء يسير من الكحول كمذيب ولا يسكر كثيرها لا ينطبق عليها حكم الخمر.
([78]) سنن الترمذي: كتاب الطب، باب ما جاء في كراهية التداوي بالمسكر، ج 4 ص 387 برقم 2046.
([79]) باختصار من حكم تشريح الإنسان بين الشريعة والقانون: لعبد العزيز القصار ص11.
([80]) مجلة الأزهر، المجلد السادس، الجزء الأول، ص 361 – 362.
([81]) فتوى بتاريخ 29/2/1971. نقلاً من حكم تشريح الإنسان بين الشريعة والقانون: للقصار ص 31.
([82]) قرار 47 بتاريخ 20/8/96. ولقد تحفظت الهيئة على تشريح جثة المعصوم لتيسر غيرها، إذا كان التشريح بغرض التعلم والتعليم. قلت فإن لم يتيسر يؤذن في ذلك للحاجة مثلما قررت الهيئة في التشريح الجنائي ولغرض التحقق من أمراض وبائية.
([83]) مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة الدورة العاشرة، صفر / 1408 هـ، مشروع قرار وكان من الموقعين المشايخ: عبد العزيز بن باز ومصطفى الزرقا. وخالف الشيخ بكر أبو زيد في تشريح جثة المسلم بغرض التعليم.
([84]) أبو داود: كتاب الجنائز، باب في الحفار يجد العظم هل يتنكب ذلك المكان، ج 3 ص 212 برقم 3207. وصححه الألباني. (انظر سنن أبي داود بتحقيق مشهور برقم 3207 ).
([85]) الترمذي: كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الشتم، ج4 ص353. وصححه الألباني (سنن الترمذي، تحقيق مشهور، رقم 1982).
([86]) على أنه ينبغي أن يذكر طالب الطب بحرمة الموتى ووجوب التعامل مع جثث الموتى المعصومين كالأحياء من حيث القطع للحاجة فقط وستر العورة وغير ذلك مما يضمن به عدم إهانة الميت. هذا الشرط واشتراط إذن الميت أو أوليائه بعد موته جاءا في قرار مجمع الفقه التابع للرابطة.
([87]) قواعد الأحكام: للعز بن عبد السلام 1/53. ونقل الإجماع على هذه القاعدة ابن الهمام – رحمه الله – في فتح القدير: 2/421.
([88]) القائلون بهذا هم الحنفية والشافعية وبعض المالكية والحنابلة. انظر بدائع الصنائع ( 5/130 )، ورد المحتار ( 6/389) والتاج والإكليل ( 2/254) ونهاية المحتاج ( 3/39)، والمجموع ( 5/302) والإنصاف للمرداوي ( 2/556). نقلاً من حكم تشريح الإنسان ص 37.
[89] صحيح البخاري – كتاب المساقاة
[90] راجع فتح الباري بشرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر- كتاب المساقاة